شهـــــــــادات [9]
شهادة "عبدي خديجة" أرملة مناد محمد(*)
..بأزقة المدينة نفسها التقينا وصدفة مرة أخرى بهذه العجوز "خدوجة" التي بالكاد لا تستطيع الحركة دون شد ظهرها نظرا لكبر سنها، هذه العجوز استغربت وجود فتيات يتجولن صباحا في الشوارع لوحدهن في مدينة تتميز بـ"الحجبة".
عندما ألقينا عليها التحية اغتنمت الفرصة وهي ترد بأحسن منها وسألتنا:"بنات من؟". وعندما شرحنا لها سبب وجودنا ومن نكون فوجئنا بشعاع غريب ينبعث من ذلك الجسد الهرم الواهن وضربت العجوز صدرها وهي تقول:"مشتى القصبة.. أدات كل لعزاز..."، وعندما سألنا من هؤلاء الأحباب، قالت:"كل الذين ماتوا أهلنا وأحبابنا...". وواصلت تروي ما حدث بأسى فظيع عن ذلك اليوم الرهيب الذي زرع الحزن في مدينة بأكملها...ذلك اليوم الذي فقدت فيه خالتي "خدوجة" والد أبنائها الأربعة...أمسكت العجوز بالتراب الذي كنا نجلس عليه كأنها تستنطقه وقالت:"كنا نوكلوا ونشربوا..وندفعوا الاشتراك..واش نزيدوا". وارتخى جسم العجوز فجأة على ذلك العمود الكهربائي الذي كان يسند ظهورنا وكأن الذكرى التي تفوح بالدم فتحت جراح العجوز ورشت عليها الملح، وهي تتذكر ما حدث:"كانوا حاملين السلاح وساقوا كل من وجدوه من الرجال ونسمع منهم سوى:"ستسمعون البيان وعليكم الأمان..يومها حمل زوجي(1) ما كان يملك وترك الحصاد والدار وكل شيئ...خدهوه كما خدعوا غيروا بالأمان".
عندما ألقينا عليها التحية اغتنمت الفرصة وهي ترد بأحسن منها وسألتنا:"بنات من؟". وعندما شرحنا لها سبب وجودنا ومن نكون فوجئنا بشعاع غريب ينبعث من ذلك الجسد الهرم الواهن وضربت العجوز صدرها وهي تقول:"مشتى القصبة.. أدات كل لعزاز..."، وعندما سألنا من هؤلاء الأحباب، قالت:"كل الذين ماتوا أهلنا وأحبابنا...". وواصلت تروي ما حدث بأسى فظيع عن ذلك اليوم الرهيب الذي زرع الحزن في مدينة بأكملها...ذلك اليوم الذي فقدت فيه خالتي "خدوجة" والد أبنائها الأربعة...أمسكت العجوز بالتراب الذي كنا نجلس عليه كأنها تستنطقه وقالت:"كنا نوكلوا ونشربوا..وندفعوا الاشتراك..واش نزيدوا". وارتخى جسم العجوز فجأة على ذلك العمود الكهربائي الذي كان يسند ظهورنا وكأن الذكرى التي تفوح بالدم فتحت جراح العجوز ورشت عليها الملح، وهي تتذكر ما حدث:"كانوا حاملين السلاح وساقوا كل من وجدوه من الرجال ونسمع منهم سوى:"ستسمعون البيان وعليكم الأمان..يومها حمل زوجي(1) ما كان يملك وترك الحصاد والدار وكل شيئ...خدهوه كما خدعوا غيروا بالأمان".
بعد هذه الكلمات انتفضت العجوز والألم يسكن روحها ويثقل جسدها الذي كان بحاجة إلى من يسنده ليواصل طريقه، وغادرت بثوبها المزهر، وقبل أن تختفي التفتت إلينا وقالت:"أنا في آخر عمري ولن أعيش قدرما عشت..لكنني أنتظر ظهور الحق..".
--------------------------------------------------------
(*) يومية الجزائر نيوز: المرجع السابق.
(1) مناد محمد كان واحدا ممن شارك في الحرب العالمية الثانية (39 - 1945)، حيث ألقت عليه قوات المحور القبض برفقة كل من: خيذر محمد، وبن صغير بن يحي، والعمري لخضر، ثم سجنهم، وقد عادوا من أوربا عام 1942.
(*) يومية الجزائر نيوز: المرجع السابق.
(1) مناد محمد كان واحدا ممن شارك في الحرب العالمية الثانية (39 - 1945)، حيث ألقت عليه قوات المحور القبض برفقة كل من: خيذر محمد، وبن صغير بن يحي، والعمري لخضر، ثم سجنهم، وقد عادوا من أوربا عام 1942.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire