-->
جاري تحميل ... BigMag Demo

سكان بني يلمان ينتظرون الدولة الجزائرية الجديدة النظر في ملف قضية مجزرة بني يلمان ..فإلى متى ؟

عبد الله دحدوح

عبد الله دحدوح
سيدي عيسى Booked
+37°C

مرتفع: +37°

منخفض: +26°

الخميس, 23.07.2020

أحدث المقالات

مقالات

أعمدة الرأي

التعليقات

آخر الأخبار

Sunday, October 14, 2018

شهادة دحدوح احمد رحمه الله في المجزرة





شهـــــــادات [7]
 شهادة دحدوح احمد رحمه الله(*)
"رأيتهم يقتلون ويذبحون"


دحدوح احمد، المعروف بين سكان بني يلمان بـ"العيدودي"..من مواليد 28 جانفي 1934، عاش تجربة عصيبة أثناء ثورة التحرير، نجا بأعجوبة من موت مؤكد إثر إنفجار قنبلة يدوية على السيارة التي كانت تقله باتجاه "الخرابشة" على بعد 15 كيلومتر من وسط مدينة بني يلمان، الحادثة يقول عنها العيدودي أنها جرت سنة 1958، سنة بعد مجزرة مشتى القصبة في 28 ماي 1957 التي نجا منها العيدودي حاملا معه إصابة بليغة على مستوى الفخذ، زيارتنا إلى بني يلمان سنحت لنا لقاء ناج آخر من المجزرة، وشهادة حية عن ما عاشه في تاريخ 28 ماي 1957 ببني يلمان بالمسيلة.
"في صبيحة يوم المجزرة، كنت متجها إلى المسيلة على متن سيارتي من نوع رونو *بريري* وبصحبتي شلة من سكان بني يلمان، وعلى بعد 15 كيلومتر من بني يلمان وبالضبط على مستوى "خنڨ العتروس" بالخرابشة(1)، تفاجأنا بأربعة جنود مرتدين زيا عسكريا، حاملين أسلحة نارية (سناتر)، يقفون في حاجز وسط الطريق باتجاه المسيلة، لدى وصولنا إلى نقطة الحاجز، أمرنا أحدهم بالعودة إلى *الدوار* قاصدا بالخصوص أبناء بني يلمان..عدنا أدراجنا من حيث أتينا دون معرفة سبب منعنا من مواصلة السير نحو المسيلة، في الطريق وأثناء العودة، تعرضنا إلى طلقات نارية بحي البساتين(2) ببني يلمان، أطلقها الباريكي (قائد الأفلان بالمنطقة)، لم أتوقف عن السير، لأنني بصراحة لم أسمع صوت الطلقات الموجهة نحونا، بعد نزول من كان معي عدت أدراجي نحو حي حميان، لأتعرض إلى توقيف آخر من الجنود وهذه المرة من طرف الباريكي "السحنوني" نفسه، وأول كلمات وجهها إليّ بالسؤال "لماذا هربت؟"، لم أتردد بالرد بأنني لم أهرب ولم أسمع أي طلقة نارية، ورغم ذلك لم يستوعب كلامي متصرفا معي بخشونة، حيث أمرني بإحضار البنزين وإفراغه على هيكل السيارة، رفضت في أول الأمر، لكنه فرض عليّ ذلك بالقول "دبّر راسك..هاتلي البنزين"، أجبرت على حرق سيارتي بيدي هاتين، بعد أن أمدني بالكبريت.
ينصرف الباريكي بعد ذلك، فيما توجهت إلى حميان عند عمي "عيسى بن رعاش"(3) محبطا ومرعبا لما حدث لي، لم أستوعب سبب إقدام الباريكي على هذه الفعلة، تمر دقائق ويعود مرة أخرى..ليتم تجميعنا بالقصبة، بصحبة جموع أخرى من سكان بني يلمان، لحظات بعد وصولنا تطل طائرتين للجيش الفرنسي، ظلتا تحلقان للحظات فوق سماء بني يلمان دون أن تطلقا ذخيرتها على الجنود..
بعد ذلك يأمرنا الجنود بالدخول إلى منازل القصبة، طلبوا منا نزع كل شيئ نحمله، من حفاظات، ساعات، تمر اللحظات وتميل الشمس للغروب، يدخل أحد الجنود ويأمر بخروج خمسة من المحجوزين الذين كنت بصحبتهم بالدار الكبيرة..كانوا يخرجون خمسة أشخاص، ثم يعودون ويخرجون نفس العدد، تواصلت العملية على من كان بداخل الدار، أخرجوا حوالي 20 شخصا، لم نكن نعي ما يحصل بالخارج من عمليات التقتيل والذبح التي طالت الضحايا إلى غاية خروج *زكري الحاج*(4) (أحد أبناء بني يلمان)، الذي استطاع الفرار بينما كان متوجها بمعية أربعة آخرين(5) إلى الموت، حين ذلك يفر بجلده وسط الظلام الدامس، تغمد السكاكين وتنطلق رصاصات اخترقت أجساد الأبرياء..بعد أن أمر الباريكي باستعمال السلاح الناري بعد فضح العملية، كان الجنود يطلقون ذخيرتهم على أبناء بني يلمان المتناثرين بين منازل مشتى القصبة، في تلك الأثناء ووسط صراخ الضحايا اختبأت مع شخص آخر بـ"الكوفية" مخزن القمح والشعير (مصنوعة بالطين)، كبت أنفاسي لعلي أستطيع النجاة من المجزرة، لكن الأمور لم تكن كما توقعت، كانت الساعة حوالي العاشرة ليلا أو أكثر عندما سمعت أحد الجنود يستفسر عما يوجد بداخل "الكوافة" ليقبلوا بعد ذلك على تقتيل كل من يجدوه بداخل مخازن القمح، التي كنت بأحدها ليقبل الجنود على كسرها مطلقين رصاصات قاتلة على من كان معي، فيما بقيت متشبثا في أعلى المخزن، يأمرني الجندي بالنزول إلى الأسفل، لكنه لم يتردد في إطلاق رصاصة أصابتني على مستوى الفخذ الأيمن، سقطت أرضا والدماء تنزف بغزارة من جسدي بفعل الرصاصة ما جعلني أضمده..ينصرف الجنود حوالي الحادية عشرة ليلا من القصبة بعد أن سمعت أحد الجنود موجها كلامه إلى آخرين بقوله "علينا الذهاب".. تمر الساعات وسط سكون عميق وموحش، ويصل الصباح، حين ذلك يقبل عليّ خضرة محمد(6)، أحد الناجين من المجزرة الذي قام بحملي على ظهره متجها بي نحو "بيت الفوضيل"(7) حيث تلقيت الاسعافات من طرف الفرنسيين الذي قاموا بنقلي بعد يومين من تاريخ الحادثة إلى المسيلة، ثم إلى برج بوعريريج ليتم نقلنا بعدها إلى سطيف بإحدى الثكنات الفرنسية إلى غاية استعادة عافيتي. 
رغم مرور سنوات عن تاريخ مجزرة بني يلمان لازلت أتذكر عبد القادر الباريكي قائد الأفلان بالمنطقة، كان يمتطي حصانا أبيض، يحمل معه سلاحا ناريا، يرتدي لباسا عسكريا (ميليتير) و"قشابية"، أتذكره جيدا، حيث قمت بنقله بسيارتي مرات عديدة عبر المناطق المجاورة لبني يلمان، كان ينتقل إلى ونوغة (أولاد جلال)، سيدي عيسى (القرية) سلاطنة، ومزيتة بالمهير، وكان في كل مرة يسجل أسماء كل من كان في السيارة. 

لازلت أتذكر الفاجعة التي حلت بأبناء بني يلمان التي ذهب ضحيتها مئات الضحايا ومن بينهم أفراد عائلتي، حيث فقدت عائلة دحدوح أبناءها وهم: دحدوح اعمر وڨواس، الطيب، عيسى، ودحدوح زموري. لازلت أتذكر تحركات جنود الأفلان بالقصبة في يوم المجزرة، فقد فاق عدد الذين رأيتهم عن 250 جندي، يحومون بين منازل القصبة، يحملون أسلحة نارية، كما أن معظمهم يتكلم "بالقبايلية"، ومنهم من ذهب ضحية المجزرة بعد رفضهم لتنفيذ الأوامر وقتل أبناء بني يلمان(8).

--------------------------------------------------------
(*) يومية الجزائر نيوز: المرجع السابق، صفحة: 05 - 06.
(1) الخرابشة تتبع دائرة حمام الضلعة، ولاية المسيلة.
(2) حي يقع جنوب وسط مدينة بني يلمان.
(3) عيسى بن رعاش أحد كبراء وأعيان بني يلمان، مناضل في جبهة التحرير الوطني، كان واحدا ممن اجتمع بالقائد سي ناصر وسي البشير وسي أرزقي..يوم قدمت لهم الاشتراكات للثورة.
(4) زكري بن هني.
(5) في شهادته ذكر أنه فرّ من منفذ ضيق (أنظر شهادته السابقة 06). 
(6) أنظر شهادة رقم (05).
(7) يقع بيت الفوضيل بمشتى الشهباء، وفي هذا كان يتواجد النقيب الفرنسي غامبيط الذي وصل إلى عين المكان على الساعة الخامسة والنصف. 
(8) عدد الجنود الذين تم إعدامهم كان 16 مجاهدا، وهم مدفونون في مقابر جماعية بالقصبة مع ضحايا بني يلمان.


No comments:

Post a Comment

إتصل بنا

Contact Form

Name

Email *

Message *