أطلال الحراكيين .. بين سقط اللوى والدخول وحومل
يجب أن لا نخدع أنفسنا بادعاء أن الذين خرجوا اليوم في المسيرات الباهتة ، إنما هم من أتباع الفرنكوبربريست ..
ليس ذلك صحيحا .. لأن الفرنكوبربريست انتقلوا إلى مرحلة الإعداد لمشروعين آخرين ، يضعون فيهما بيضهم وعليهما يراهنان .
أما المشروع الأول فهو التموقع (لجنة الحوار) والاستيلاء على تأطير وتنظيم الانتخابات .
وأما المشروع الثاني فهو (التصعيد) عبر مشروع يبدأ بالحرائق المدبرة ، وينتهي بالعصيان المدني ..
هذا في الجانب المدني ..أما الجانب العسكري ، فالعمل جار على فكرة (الانقلاب العسكري) باستعمال خالد نزار ، باعتباره (البلدوزر) صاحب التجربة السابقة في هذا..
وإذن ، فمن الذي خرج اليوم وفي الجمعتين الماضيتين ، في هذه المسيرات المحتشمة الخجلى ؟
الحقيقة أنّ الذي لا يزال يخرج ، هو ذاك الذي (فاته القطار) وخرج من الحفلة بدون حلوى .. أما الفرنكوبربريست فقد أخذوا جزء من ثمرة الحراك ، متمثلا في لجنة الحوار والحق في إنشاء هيئة الانتخابات .. تماما كما أخذت أحزاب إسلامية أخرى حقها من الكعكة ، سواء بحصولها على رئاسة البرلمان أو غير ذلك ..
الذي لا يزال يخرج ، هو ذاك الذي يشعر بمرارة العائد من حنين بخفيه .. لا بشيء غيرهما ..
الذي لا يزال يخرج ، هو ذاك الذي لم يستوعب الصدمة بعد ، ولم يكن يظن أن حلمه وجهده سينتهيان هذه النهاية البائسة..
هؤلاء الذين يخرجون اليوم أغلبهم من الذين شعروا بطعنة في الظهر ، من حلفائهم الذين استيقظوا فجأة على وجودهم في لجنة الحوار ، رغم الشعارات التي خدعوهم بها ، من شعار ( يتنحاو قاع) إلى شعار ( سقوط الباءات) .. انتهاء إلى ( لا حوار ) ..
لكل هذا ، فإن الشارع اليوم لم يعد وعاء لأي مشروع ، لأي قوة من القوى الفاعلة .. وهو ما يعني أنّ ( الشارع) لم يعد (رقما) في المعادلة .. وأن هذه المسيرات لن تحقق شيئا ولو بقيت على حالها هذه ألف سنة إلا خمسين عاما ..
لم يعد هناك شيء اسمه (الحراك) يمكن أن يكون عنصر ضغط ، أو أداة مناوشة .. ذلك لأن الحراك لم ينته فقط في الشارع ، بل انتهى أيضا في العملية السياسية ، وهو مستبعد حتى من طاولة الحوار .. وإلا فمن سيشارك في الحوار باسم هذا الحراك ؟
القوى التي تتأهل دوما للمباريات التصفوية الأخيرة ، هي تلك القوى المنظمة .. هي تلك التيارات التي لها ممثلون ومؤطرون وناطقون باسمها .. لذلك فأي حزب سياسي ، وإن لم يكن عدد مناضليه يتجاوز الألف ، هو أهمّ اليوم من الحراك الذي كان تعداده بالملايين ..
وحين كنا ننادي ، بوجوب أن يفرز الحراك ممثليه ، كان البعض يبتلع الطعم القائل (قوة الحراك في عدم تمثيله) ..وفي الأخير تعرض هذا الحراك الساذج إلى صفعة على خده اليسار من طرف حدة حزام ..وأخرى على خده اليمين ، من طرف قسوم ، قبل أن يتحلل كالملح في الماء ، ويختفي بعودة كل مجموعة من الحراك إلى الجهة السياسية التي تمثلها ، وليبقى اللامنتمون يمارسون البكاء على جدران الفايسبوك ..
هل بالإمكان أنتنجح محاولات تمثيل الحراك اليوم في الولايات ؟
الجواب : لا ..مستحيل ..
لأن الحراك فقد الشارع الذي كان يضغط به ... ولا أحد يأبه به اليوم ..
دققوا في الذين ينشرون صورهم في مسيرات جمعة اليوم والجمعة القالية السابقة ، لتدركوا أنهم ينتمون أكثر إلى التيار الأصيل .. إلى أحزاب إسلامية صدمها التوزيع المحبط للكعكة ، بعد أن كانت متعودة على المشاركة في حفلات اقتسام الغنيمة .. لكنها اليوم لم تأخذ شيئا ..
لذلك .. لا بد من الخروج من وهْم أن الذين لايزالون يخرجون اليوم هم الفرنكوبربريست ..
كل المشاريع اليوم في يد الدولة العميقة ، عبر تقاسم أدوار دقيق ..
مشروع الإعداد للانتخابات عبر الحوار وتأسيس الهيئة الانتخابية ، موجود في يد الدولة العميقة .
ومشروع الإعداد للعصيان وشل جسد البلاد مع الدخول الاجتماعي، موجود كذلك بيد الدولة العميقة .
ومشروع الدعوة إلى الانقلاب العسكري ، أيضا مشروع لدولة العميقة ..
أما الحراك ، فقد غسلت منه الدولة العميقة يديها يوم الجمعة التي فشلت فيها الدعوة إلى (تسونامي) شعبي ..
ولم يعد في الشارع اليوم ، غير أولئك العاشقين الذين يحدثنا الشعر عنهم ، من الذين يزورون (الأطلال) للاستذكار والاستعبار .. وهو ما حوّل الجمعات الأخيرة ، من معنى المسيرة إلى معنى ( الوقفة) .. وهي الوقفة المذكورة في الأشعار ، وفي قول امرئ القيس :
(قفا نبكِ من ذكرى .....)
و(سقط اللوى) هو (البريد المركزي) ..
و(الدخول ) هو (أودان) ..
أما (حومل) فهو المكان الذي كان فيه جماعة (الحراش) يصرخون فيه ، بدولة إسلامية ، (برعاية الأفافاس) ..
---------------------------
محمد جربوعة
يجب أن لا نخدع أنفسنا بادعاء أن الذين خرجوا اليوم في المسيرات الباهتة ، إنما هم من أتباع الفرنكوبربريست ..
ليس ذلك صحيحا .. لأن الفرنكوبربريست انتقلوا إلى مرحلة الإعداد لمشروعين آخرين ، يضعون فيهما بيضهم وعليهما يراهنان .
أما المشروع الأول فهو التموقع (لجنة الحوار) والاستيلاء على تأطير وتنظيم الانتخابات .
وأما المشروع الثاني فهو (التصعيد) عبر مشروع يبدأ بالحرائق المدبرة ، وينتهي بالعصيان المدني ..
هذا في الجانب المدني ..أما الجانب العسكري ، فالعمل جار على فكرة (الانقلاب العسكري) باستعمال خالد نزار ، باعتباره (البلدوزر) صاحب التجربة السابقة في هذا..
وإذن ، فمن الذي خرج اليوم وفي الجمعتين الماضيتين ، في هذه المسيرات المحتشمة الخجلى ؟
الحقيقة أنّ الذي لا يزال يخرج ، هو ذاك الذي (فاته القطار) وخرج من الحفلة بدون حلوى .. أما الفرنكوبربريست فقد أخذوا جزء من ثمرة الحراك ، متمثلا في لجنة الحوار والحق في إنشاء هيئة الانتخابات .. تماما كما أخذت أحزاب إسلامية أخرى حقها من الكعكة ، سواء بحصولها على رئاسة البرلمان أو غير ذلك ..
الذي لا يزال يخرج ، هو ذاك الذي يشعر بمرارة العائد من حنين بخفيه .. لا بشيء غيرهما ..
الذي لا يزال يخرج ، هو ذاك الذي لم يستوعب الصدمة بعد ، ولم يكن يظن أن حلمه وجهده سينتهيان هذه النهاية البائسة..
هؤلاء الذين يخرجون اليوم أغلبهم من الذين شعروا بطعنة في الظهر ، من حلفائهم الذين استيقظوا فجأة على وجودهم في لجنة الحوار ، رغم الشعارات التي خدعوهم بها ، من شعار ( يتنحاو قاع) إلى شعار ( سقوط الباءات) .. انتهاء إلى ( لا حوار ) ..
لكل هذا ، فإن الشارع اليوم لم يعد وعاء لأي مشروع ، لأي قوة من القوى الفاعلة .. وهو ما يعني أنّ ( الشارع) لم يعد (رقما) في المعادلة .. وأن هذه المسيرات لن تحقق شيئا ولو بقيت على حالها هذه ألف سنة إلا خمسين عاما ..
لم يعد هناك شيء اسمه (الحراك) يمكن أن يكون عنصر ضغط ، أو أداة مناوشة .. ذلك لأن الحراك لم ينته فقط في الشارع ، بل انتهى أيضا في العملية السياسية ، وهو مستبعد حتى من طاولة الحوار .. وإلا فمن سيشارك في الحوار باسم هذا الحراك ؟
القوى التي تتأهل دوما للمباريات التصفوية الأخيرة ، هي تلك القوى المنظمة .. هي تلك التيارات التي لها ممثلون ومؤطرون وناطقون باسمها .. لذلك فأي حزب سياسي ، وإن لم يكن عدد مناضليه يتجاوز الألف ، هو أهمّ اليوم من الحراك الذي كان تعداده بالملايين ..
وحين كنا ننادي ، بوجوب أن يفرز الحراك ممثليه ، كان البعض يبتلع الطعم القائل (قوة الحراك في عدم تمثيله) ..وفي الأخير تعرض هذا الحراك الساذج إلى صفعة على خده اليسار من طرف حدة حزام ..وأخرى على خده اليمين ، من طرف قسوم ، قبل أن يتحلل كالملح في الماء ، ويختفي بعودة كل مجموعة من الحراك إلى الجهة السياسية التي تمثلها ، وليبقى اللامنتمون يمارسون البكاء على جدران الفايسبوك ..
هل بالإمكان أنتنجح محاولات تمثيل الحراك اليوم في الولايات ؟
الجواب : لا ..مستحيل ..
لأن الحراك فقد الشارع الذي كان يضغط به ... ولا أحد يأبه به اليوم ..
دققوا في الذين ينشرون صورهم في مسيرات جمعة اليوم والجمعة القالية السابقة ، لتدركوا أنهم ينتمون أكثر إلى التيار الأصيل .. إلى أحزاب إسلامية صدمها التوزيع المحبط للكعكة ، بعد أن كانت متعودة على المشاركة في حفلات اقتسام الغنيمة .. لكنها اليوم لم تأخذ شيئا ..
لذلك .. لا بد من الخروج من وهْم أن الذين لايزالون يخرجون اليوم هم الفرنكوبربريست ..
كل المشاريع اليوم في يد الدولة العميقة ، عبر تقاسم أدوار دقيق ..
مشروع الإعداد للانتخابات عبر الحوار وتأسيس الهيئة الانتخابية ، موجود في يد الدولة العميقة .
ومشروع الإعداد للعصيان وشل جسد البلاد مع الدخول الاجتماعي، موجود كذلك بيد الدولة العميقة .
ومشروع الدعوة إلى الانقلاب العسكري ، أيضا مشروع لدولة العميقة ..
أما الحراك ، فقد غسلت منه الدولة العميقة يديها يوم الجمعة التي فشلت فيها الدعوة إلى (تسونامي) شعبي ..
ولم يعد في الشارع اليوم ، غير أولئك العاشقين الذين يحدثنا الشعر عنهم ، من الذين يزورون (الأطلال) للاستذكار والاستعبار .. وهو ما حوّل الجمعات الأخيرة ، من معنى المسيرة إلى معنى ( الوقفة) .. وهي الوقفة المذكورة في الأشعار ، وفي قول امرئ القيس :
(قفا نبكِ من ذكرى .....)
و(سقط اللوى) هو (البريد المركزي) ..
و(الدخول ) هو (أودان) ..
أما (حومل) فهو المكان الذي كان فيه جماعة (الحراش) يصرخون فيه ، بدولة إسلامية ، (برعاية الأفافاس) ..
---------------------------
محمد جربوعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق