محمد جربوعة يكتب:
لا يمكن لأي أمة أن تنتج واقعا منسجما مع ثقافتها وتاريخها ، إن هي لم تعرف ثقافتها وتاريخها ..
أقول هذا ، لمن يدعون النضال لبلوغ نهضة ( عربية) ، لكنهم لا يعرفون عن العرب شيئا ..
أكثر هذه الأفكار التي تملأ رؤوس أبناء الفاتحين ، هي مجرد حشو تلقوه من المنظومة ( الشعوبية) .. فتجد الرجل يرفع شعار (عقبة) لكنه في داخله يسعى لمواجهة مشروع ( عقبة) ..
لاحظوا منشورات كثيرين ، لتدركوا أنّ كلّ سعيهم قائم على النضال لصالح مدارس وجماعات وتيارات حاقدة ، أقول (حاقدة) على كل ما هو عربي ..
الذين يرتبطون مثلا بدولة عربية ولاؤها لإيران أو تركيا .. لاشك أن تلك الدولة العربية ليست في الأخير سوى دولة (وظيفية) .. هل تعلمون ما وظيفية ؟ ( أي أنها تقوم بدور في إطار مشروع غيرها) ، وهي مجرد وكيل لدول كبرى حاقدة على العرب ..
كيف يمكن أن تدعي العروبة ، ولا تنكر التطبيع مع إسرائيل ؟
علم إسرائيل يرفرف في قلب تركيا فوق السفارة الإسرائيلية .. وعلاقات الدول الخليجية بإسرائيل لم تعد خافية ..
فهل هذا ينسجم مع مشروع القدس العربية ؟
بعضهم يدعي تبني مشروع العروبة ، ثم تراه في صفحته ينشر انتصارا واسعا لأشخاص
هل تعرف موقف هذا الشخص من مشروعك العربي ؟
هل تعرف موقف منظومته الفكرية والثقافية من مشروعك العربي ؟
أنت لم تفهم بعد معنى ( المشروع العربي) ، لذلك لاتزال تتحرك في ما حشته جماعات شعوبية في رأسك منذ سنوات أو عقود ؟
لكي تكون مناضلا في المشروع العربي ، يجب أن تكون واعيا ، تدرك حدود مشروعك ، وتعرف حدود مشاريع الآخرين..
تأملوا معي جيّدا : هذه الأحزاب والتيارات التي تدعي اليوم أنها تمثل المشروع الأصيل .. هل مشاريعها موجهة نحو رفع الغبن عن العرب وتوحيدهم وتحريرهم من العبودية لأقليات ، ليكونوا كتلة لها كلمة ؟ أم أن هذه الجماعات والتيارات والأحزاب ، لا تفعل أكثر من أن تعيد إنتاج جماعات إسلامية أو فكرية لم تنتج شيئا غي الزقوم طيلة عقود ؟
هناك اليوم نواة جيدة للمشروع العربي ، لكنها ليست بتلك القوة وذلك الوعي المرجوّ ..
وإذا أردنا أن نصارح أنفسنا يجب أن نعترف أنه إلى اليوم ، لم يستطع أبناء الفاتحين بلورة مشروع واضح المعالم .. لذلك تراهم يخبطون خبط عشواء ، مرة مع صدام حسين ، ومرة مع تركيا التي ساهمت في تدمير بغداد العروبة ..مرة مع الشعب السوري ، ومرة مع جلاديه .. مرة مع عمر بن الخطاب ، ومرة مع أبي لؤلؤة المجوسي . مرة مع عقبة ، ومرة مع الشعوبية .. مرة مع القدس ، ومرة مع الدول التي تتبنى التطبيع ..
هل تفهمون معنى كلمة صدام حسين ( على أبو تركيا على أبو إيران)؟
الأغلبية العربية انتظمت في عقود في مشاريع جماعات دينية لا علاقة لها بالمشروع العربي .. لذلك من الصعب اليوم ، أن تقنع هؤلاء بفك ارتباطهم بهذه الجماعات الشعوبية ..
وحين تجد عربيا قرشيا ، لا يمانع في أن يكون مجرد تابع لخامنئي أو لأردوغان ، بينما النبي صلى اله يقول : ( الناس تبع لقريش) ، فإن هناك مشكلة عظيمة في فكره وفهمه ..
حين تجد عربيا ، يرضى بأن يكون عميلا لدول عربية ، هي مجرد بنوك لتمويل المشروع التركي أو الإيراني .. فإنك تدرك أن الوعي العربي بعيد جدا ..
حين تجد عربيا لا يفرق بين المشروع العربي ذي الصبغة الإسلامية ، وبين مشروع القومجية العربية التي أنشأها ميشيل عفلق .. أو تلك التي كرسها ودنسها جمال عبد الناصر . فتلك مشكلة ..
حين تجد من يدعي العروبة ، وهو لا يتورع عن ظعن الظهر ، وإخصاء فحول العروبة ورافعي رايتها ، تنفيذا لمخطط شعوبيين ، فتلك الطامة .
الذين لا يرون فرقا حتى في الشعر بين أحمد مطر الصفوي الشعوبي ، وبين نزار قباني الأموي الذي حول حزب الله بيته في دمشق إلى بؤرة للمشروع الفارسي نكاية .. لا يمكنهم أن يكونوا لبنات في المشروع العربي .
الذين ينتظرون من الفرس المجوس الذين قتلوا الفاروق رضي الله عنه ، أن يحرروا فلسطين التي حررها الفاروق ، لم يمسكوا بطرف خيط المشروع حتى في هذه القضية المحورية التي هي فلسطين ..
الذين لم يفهموا لمَ كان يردد صدام حسين في محاكمته ( نحن أهلها) ( المجد لأمة) و(تحيا فلسطين) ..لن يفهموا شيئا ...
الذين لا يفهمون ما يحدث اليوم في اليمن ، وسوريا ، والعراق ، وليبيا ، لن يفهموا أبدا هذا المشروع العربي العظيم ..
الذين تابعوا مسلسل (أرطغرل) بكل حماس ، بينما هو يؤسس لإعادة بسط العثمانيين النفوذ على المنطقة العربية ، لا يفهمون من الأمور إلا ما يفهمه صبي في الخامسة من عمره..
الذين يدعون محاربة الراية المحظورة في الجزائر ، ودعم مشروع السراج ومصراتة المتبني للراية المحظورة في ليبيا ، لا يمكن الاعتماد عليهم ..
الذين لا يعرفون التناقض بين ( الخلافة القرشية) المنصوص عليها ..والخلافة العثمانية ( المغتصبة) لا يدركون شيئا ..
هناك حال واحدة يمكن لمشروع العربي أن يبلغ فيها مبلغا .. هي أن تربي نساؤنا أبناءهن على سيرة ( معاوية بن أبي سفيان) بدل الانجرار وراء الشعوبية ووصفه بالقاتل ثم لعنه ..
الذين يسمحون للشعوبيين بتخريب أي مشروع عربي يولد ، ويقفون متفرجين على أي نواة لمشروع عربي واعد ، لم يفهموا شيئا في لعبة الصراع ..
والذين لا يفرقون بين مشروع يمثل أجدادهم الفاتحين ، وآخر يمثل أجداد أمم وشعوب أخرى ، لن يتقدموا خطوة في المشروع العربي ..
والذين لا يفهمون لمَ ساندنا مؤسسات الدولة منذ بداية الحراك ، وهي تتعرض لمشروع فرنسا والشعوبيين ، ليسوا بشيء .
أخطر أعداء المشروع العربي هو الشعوبية .. وليس (الزواف) فقط كما يدعي البعض ..
الزواف أعداء للمشروع العربي .. لكن هل الجماعات الإسلامية التي عاشت عقودا تحارب المشروع العربي ، واصطفت في لحظة ما مع الطائرة التركية ضد منارات عاصمة الرشيد ، أقل خطرا ؟
مشروع فرنسا سمّ زعاف ..لكن هل مشروع قطر بلسم شاف ؟
هناك من يسرق اليوم جهد ويستغل أحلام الملايين من المسحوقين ، ليصنع به حلمه وحلم جماعته ..
هل أشير إلى شيء لتفهموا :
هناك من جماعات الوعي من اجتمع مؤخرا مع (مسؤول ) وقبّل رأسه في نهاية الجلسة ..
وهناك من (وجوه الوعي) مَن وسّط شخصية نسائية ، لإرسال (التعريف) (cv) الخاص به إلى جهة ما ، معرّفا بنضاله في هذه المرحلة .. عسى ولعلّ..
والكثير من هذا موثق عندنا ..
وحين يحين الوقت ، سننشر ذلك .. ليدرك أصحاب الوعي والمواقف ..وليس الوعي فقط .. لمَ نختار لأنفسنا الخيار الأصعب الذي يلزمنا به واجبنا تجاه العروبة ، ومسؤوليتنا تجاه قومنا ..
لذلك لا أهتم بصداقة من لا يعي ، وأسارع إلى حذفه من صفحتي وأنا أحمد بُعده ..فمن لم يكن فيه خير لقومه وآبائه ..لن يكون فيه خير لي ..ومن باع عقبة لأجل شعوبيين ، لن يشتريني أبدا ..
ولذلك أيضا لا أهتم حين يقال لي : فلان غادر الحزب أو التيار العقبي .. ولا ألقي بالا .. لأن من يغادر ثغرا تركه عليه جده عقبة في هذه الديار ، لا يساوي عندي خردلة ..
نحن لا نبحث عن كثرة غثائية..نحن نبني نواة منسجمة وواعية وصلبة من نشامى ونشميات ..يحملون في عروقهم عقبة والضاد ..
لا يمكن لامرئ أن يكون مناضلا في المشروع العربي ، وهو لا يستطيع رفع رأسه في شموخ وفخر وثقة ..المهزومون لا يصنعون التاريخ .. والذين يجندهم أعداؤهم لا يصنعون الأمجاد ..
ويوما ما سيعرف كثيرون كم كانوا بسطاء وساذجين وصغارا ..
ولن تكون ابن أبيك حقا ..حتى تكون مثل هذا الجواد العربي الأصيل ..فتلقي عن ظهرك كل من يركبونك من الشعوبيين ..
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen