في عام 1830 احتلت القوات الفرنسية الجزائر، ثم ما لبثت أن بدأت في التوسع والتمدد شرقا وغربا، وبمساعدة فرق الزواف. بحيث سارع الشعب الجزائري ولم يبقى مكتوف الأيادي لرفع لواء الجهاد ضد هذا العدو الغاشم وعملاءه، فبدأت المقاومات والثورات الشعبية للحد منها بداية من مقاومة الأمير عبد القادر في الغرب الجزائري، وكانت بني يلمان ممن التحقت بركبها مبكرا عند اشتعال جذوتها بحيث استعملت جبالها كقاعدة وخلفية لانطلاق المقاومة بالحضنة، وبعد إبرام الأمير لمعاهدة التافنة عام 1837 انتقل إلى "مشتى القصبة" ببني يلمان التي وصفها الضابط الفرنسي "شارل فيرو" في "المجلة الإفريقية" ومجلة "وادي الساحل" بقلعة ونوغة، فقال:"قلعة ونوغة قائمة إلى الآن، وهي قلعة عسكرية شيدت على صخر، لا يمكن الولوج إليها إلا من باب واحد، عندما حاول عبد القادر بسط نفوذه على مقاطعة قسنطينة قام بوضع عدته ومرضاه في هذه القلعة التي ما لبثت أن احتلتها فرقة حربية فرنسية". وقد كانت هذه الفرقة بقيادة الجنرال الزوافي يوسف المملوكي الذي أوكلت له المهمة فيما يعرف بحملة "دي مونتيل" عام 1846. عقب إخماد المقاومة بالمنطقة باستسلام سي أحمد بن عمار قائد إقليم ونوغة عام 1847 قام الحاكم العام لقسنطينة الجنرال الفرنسي ماكماهون بتعيين قياد على الأعراش الموالية للسلطات الفرنسية قصد إخضاع مشتى القصبة وفرض السيطرة عليها.
وفي عام 1871، اندلعت شرارة الثورة في برج بوعريريج، وإقليم ونوغة، وسور الغزلان، وغيرها. وفور ذلك قام قايد بني انطاسن بمراسلة السلطات الفرنسية بأنه يتعهد أمامها بألا يقدم عرش أشراف بني يلمان على الالتحاق بصفوف الثورة، لأنه يتطلع للسلم والهدوء. لكنه لم يوفق في ذلك فقد إحتضنت قصبة بني يلمان هذه الثورة وجعلت من جبل موقرنين (جبل القرن وجبل قرن القبة) الواقع بالقرب من القصبة معسكرا كبيرا للثورة والثوّار في إقليم ونوغة. وما أن علم حاكم سور الغزلان الجنرال سيريز بالأمر بعد أن أخبره قايد البويرة بوزيد بن أحمد، قام بتجهيز حملة عسكرية واتجه بها صوب بني يلمان مباشرة. وفي هذا الصدد يذكر الضابط الفرنسي لويس رين أن الجنرال المذكور كان مرفوقا بالكولونيل "مريك" والرائد "كاريت" والقايد "بوضياف عبد القادر". بحيث تم مهاجمة مشتى القصبة من ثلاث محاور، وبعد معارك جرت حول أطرافها بين الثوار والقوات الفرنسية سقطت للمرة الثانية وتم إخضاعها وفرض السيطرة عليها يوم 06 أوت كما أكد ذلك الكولونيل الفرنسي روبن. هذه المرة قامت السلطات الفرنسية بجلب قياد من خارج بني يلمان وعينتهم بالقصبة لمراقبة الأهالي، بعد أن كانت تريد إخضاعهم وفرض السيطرة عليهم من خلال الأعراش الموالية..
في الفاتح نوفمبر من عام 1954، اندلعت ثورة التحرير الكبرى، وبعد أشهر من ذلك دخلت أولى الفصائل التابعة لجيش الحركة الوطنية الجزائرية إلى مشتى القصبة، تلتها فصائل أخرى، وفي شهر ماي 1956 خاضت هذه المجموعات المسلحة معركة ضد وحدة من الجيش الفرنسي بسهل بوخدي الواقع شمال القصبة، حيث تكبدت فيها القوات الفرنسية خسائر بشرية (أكثر من 70 عسكري، وضابطان حسب الكولونيل الفرنسي أرغود) ومادية معتبرة. وفي أقل من 4 أشهر داهمت القوات الفرنسية مشتى القصبة وقامت بإلقاء القبض على بعض رجالها، بحيث قتلت واحدا منهم في عين المكان بعد تعذيبه والتنكيل به، واقتادت 12 آخر وقدمتهم للمحاكمة بتهمة مساعدة وإيواء "الفلاقة". من جهتها دخلت جبهة التحرير الوطني إلى بني يلمان بعد هذه الحادثة متخذة من مشتى القصبة مقرا لجيشها بالمنطقة كما أكد ذلك عدة مرات. وفي خضم تطور الأمور وتسارعها حلّ النقيب الفرنسي غامبيط قائد مركز الصاص في أولاد ثاير (بن داود - برج بوعريريج) ببني يلمان قصد ترويض الأهالي وحثهم على حمل السلاح وبناء مركز بالمنطقة، لكن طلبه هذا قوبل بالرفض جملة وتفصيلا. لم يستسغ النقيب المذكور الأمر، خاصة وأنه نجح في نفس المهمة من قبل بالأعراش الأخرى عندما استطاع تسليحهم في صفوف الحركى والعملاء، ليهتدي إلى تدبير مؤامرة خبيثة جهنمية بالتنسيق مع "المكتب الخامس"، هذه العملية تم تحريك المندسين داخل جيش التحرير الوطني بمنطقة القبائل وأيضا بتوظيف الحركى والعملاء بمركز أولاد ثاير للعب على ورقة "العروشية"، حيث وفرت لهم الطائرات الفرنسية الحماية والقوات البرية بقيادة النقيب الفرنسي غامبيط أمنت لهم المكان لتنفذ الجريمة يوم 28 ماي 1957 في أزيد من 300 شخص تتراوح أعمارهم من بين 12 فما فوق..
ولهذا - بعد سردنا لهذه الأحداث - تجد اليوم أن هناك من الزواف وأحفادهم والقياد وأحفادهم والحركى والعملاء وأحفادهم كذلك يحاولون جاهدين قدر المستطاع طمس الحقائق وتزييفها بدون دليل يكاد يذكر. فإن كانت هذه هي بني يلمان بشهادة الفرنسيين أنفسهم فمن أنتم بشهادة الجزائريين!!
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire