هل يتحمل أهالي بني يلمان دم الضابط سي مزيان؟
في شهادة للمحافظ السياسي بالقسم الثالث [الخرابشة، ملوزة، بني يلمان...] "بقة عبد الرحمان"(من بجاية)، الذي نشط في المناطق المذكورة مدة قاربت الثلاث سنوات، جاء فيها بخصوص مقتل "سي مزيان" مايلي:"حدثت هناك مناوشات، ورغم ذلك ذهب سي مزيان من بني شبانة إلى "المدينة الجديدة" في المخبأ الذي أعددناه نحن بأيدينا. جاء ليطلب الطعام لجنود فصيلته. قتل في الحين، وكان معه كاتبه الخاص. قاتله يدعى أحمد بوجملين".
وتعود أحداث هذه الواقعة إلى نهاية عام 1956 بمشتى لخرب (المدينة الجديدة) القريب من مشتى القصبة، عندما دخل الضابط "سي مزيان" وفصيلته وقت غروب شمس ذلك اليوم، فاتجه بهم إلى الملجأ المعروف عند أهالي بني يلمان بـ"غار أفتيس" الذي يبعد عن منزل السيد "سي مصطفى" - صاحب المنزل الذي يظهر في الصورة أدناه - بـنحو 200 متر تقريبا، حيث كان المكان تغطيه أشجار كثيفة وبستان شاسع وكبير، ما إن مكث الجنود بالغار المذكور همّ الضابط "سي مزيان" وكاتبه بالتوجه لصاحب المنزل لطلب الطعام، لكن صادف ذلك تواجد أحد المحافظين السياسين للحركة المصالية بالمكان نفسه، حيث كان قادما من "أولاد عنان" (المسدور - البويرة) في مهمة أنجزها باتجاه "سيدي هجرس" الواقعة جنوب بني يلمان. انتهز الفرصة "أحمد بوجملين" الذي كان مسلحا وقام بقتل الضابط "سي مزيان" ولاذ بالفرار في جنح الظلام.
الجدير بالذكر هو أن الشيئ نفسه حدث مع "سي قاسي" الذي قتل تحت التعذيب والتنكيل بجثته بأحد البيوت المهجورة بـ"مشتى عين التوتة" على يد "س.ب" من أولاد عمر - حرازة (برج بوعريريج)، و"م.ع.ر" من قرية مجاورة لبني يلمان. أما قضية المحافظ السياسي "سي ناصر" (بوثريدي حارث)، وسي البشير وسي أرزقي ومن معهم فقد استشهدوا بالعشيشات (الصيعان) شهر فيفري 1957، بسبب وشاية "م.ع" من جهة معروفة يشار إليها بالبنان من قرية مجاورة. كل هذه الأحداث تم نسبها إلى بني يلمان وتلفيق تهمها إلى مواطنين فيها، حتى أننا وجدنا من يقول أن "سي مزيان" تم استدراجه وقتله بالفؤوس، وأن "سي أرزقي" الذي استشهد بالعشيشات مع سي ناصر وسي البشير نصب له كمين في الجهة!! يقول - أو بالأحرى قيل له - عبد العزيز واعلي في كتاباته:"الحقيقة أن تواجد هؤلاء العملاء في بني يلمان بتلك الكثافة وبتلك الأسلحة الحديثة يمثل خطورة على نظام الثورة بالجهة، وخاصة بعد تصعيدهم لعمليات الاغتيال في الناحية التي تستهدف أعوان الاتصال وقوافل التموين والمسؤولين المحليين والجهويين وغيرهم وتتجلى مراوغتهم ومناوراتهم في الميدان في استدراجهم لذلك المسؤول الأخباري إلى الدوار بدعوى تنظيم لقاء سري مع مسؤولي بلونيس يريد الاستسلام إلى الجبهة بفصيلته، ولكن ما كاد صاحبنا الإخباري يحل بالمكان حتى تم الانقضاض عليه وأعدم هو ومساعده بالفؤوس. ثم تكررت العملية مع محافظ سياسي وكاتبه ومع العريف (محمد أمزيان قايه)، ثم تطورت الأوضاع بسرعة فقاموا بنصب كمين في الجهة للمساعد سي أرزقي (استشهد مع سي ناصر وسي البشير بالعشيشات!!)، فسقط شهيدا برصاصهم...".
والسؤال من يتحمل دم "سي مزيان" الذي استشهد في خضم الصراع المسلح الدامي بين الجبهويين والمصاليين!؟ هل الأبرياء العزّل الذين وقعوا بين مطرقة الجبهة وسندان المصاليين، والذين تم إبادتهم بطريقة وحشية يوم 28 ماي 1957!؟ أم أفراد المصاليين الذين كانوا يترددون على المنطقة ومارسوا بعض الاغتيالات وهم اليوم يحملون بطاقة الجهاد!؟ وبصورة أدق وأوضع هل يعقل أن "سي مزيان" الذي يوجد قبره بمشتى لخرب "شهيد" وقاتله "مجاهد" فذ، بينما بني يلمان يتحملون دم المقتول!؟
--------------------------
بقلم الباحث: الأستاذ محمد نبار
No comments:
Post a Comment