★ سقوط القصبة وإخضاعها لثاني مرة بعد مقاومة
الأمير عبد القادر
كنا قد ذكرنا في منشور سبق أن الضابط
الفرنسي شارل فيرو كتب بـ"المجلة الافريقية" ومجلة "وادي الساحل"
معلقا أن قلعة (قصبة) ونوغة التي وضع بها الأمير عبد القادر مؤنه ومرضاه عام 1837 قد
استولت عليها فرقة حربية عسكرية فرنسية. قادها الجنرال "يوسف التركي"..
وأثناء الحملة العسكرية التي جهزها وقادها
الجنرال "سيريز" حاكم سور الغزلان عام 1871، حيث انسحب بقواته وعسكر في قرية
سيدي عيسى بعد معركة "عين التوتة" ببني يلمان يوم 3 أوت، وهناك علم الجنرال
أن بالقصبة يوجد كل من: الحاج بن بوزيد، شقيق ومساعد السعيد بن بوداود (قائد الحضنة)،
وعلي بن بورنان المقراني قائد قبيلة المعاضيد، ومحمود المقراني قائد مريتة، وعدد آخر
من أفراد العائلة مع قرابة 2500 من الجنود (الثوار) المشاة من قبيلة كسانة أو ونوغة،
و 500 من نخب فرسان قبيلة الحشم، كانوا يحتلون جميع القمم الصخرية (أنظر الصورة) المشرفة
على السهل من الناحية الشرقية (مركز مدينة بني يلمان حاليا)، ووضعوا في المرتفعات الأمامية
استحكامات من الصخور.
يقول الضابط "لويس رين" :أنه
في يوم 4 أوت خصص لاستطلاع هذه المواقع المحصنة (السلسلة الجبلية المتمثلة في قرن القبة
والقرن أو ما أطلق عليه اسم "جبل موقرنين") ولاستراحة القوات من عناء الطريق
وقلة النوم جرّاء تحرشات الثوار ليلا، وكانت الليلة من 4 إلى 5 هي الأخرى مضطربة حيث
تخللها تبادل إطلاق النار مع مواقعنا الأمامية، ولكن في هذة المرة اتخذنا حذرنا وكنا
على علم بأن بإمكاننا الخلود إلى النوم بفضل يقضة حرس الخيم.
وفي اليوم الموالي، 5 أوت، عند الساعة
السادسة صباحا، خرج الجنرال سيريز على رأس طابور خفيف يتكون من 1200 رجل من المشاة
بقيادة الكولونيل "ميريك"، وفرقة الخيالة بقيادة الرائد "كاريت"
وفرقة "الڨومية" بقيادة النقيب "عبد القادر" (بوضياف) وأربعة قطع
مدفعية. بعدها هاجمت قوات المشاة والمدفعية تلك المرتفعات عبر ثلاث نقاط في آن واحد،
بينما أخذ الخيالة و"الڨومية" مواقعهم في المؤخرة وفي سفوح المنحدرات الوعرة
(الخط ما بين العڨبة وحي المعدن "معدان"). أدرك الثوار أنهم مهددون بالحصار
من كل جهة فانسحبوا..وقد حاولوا دحرجة الكتل الصخرية من أعلى تلك السلسلة، لكن بلا
طائل، وكانت المعركة خاطفة إذا لم يكن أمام الثوار بد إلا الهروب والفرار تاركين قتلاهم
فوق الميدان وقرابة 3000 رأس من الغنم والثيران و 50 دابة بين أحصنة وبغال وعدد من
الخيام، وبحلول الساعة التاسعة، كانت المعركة قد انتهت، بيد أن فرقة "الڨومية"
بقيادة "عبد القادر" واصلت مطاردة الفارين طيلة قسم من النهار، وتمكنوا من
انتزاع رايتهم ولم يدخلوا إلى المخيم إلا في المساء محملين بمتاع كثير. ويذكر
"رين" أن في هذه المعركة وجدوا عدة جرحى من السكان الأصليين كانوا يقاتلون
إلى جنب الثوار. ويقول الكولونيل "روبن" في كتابه أن قصبة بني يلمان تم اخضاعها
وفرض السيطرة عليها يوم 6 أوت 1871. جدير بالذكر؛ لقد خلد الشاعر الطاهر بن تريعة رحمه
الله هذه الملحمة في قصيدة شعرية.
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen