-->
جاري تحميل ... BigMag Demo

سكان بني يلمان ينتظرون الدولة الجزائرية الجديدة النظر في ملف قضية مجزرة بني يلمان ..فإلى متى ؟

عبد الله دحدوح

عبد الله دحدوح
سيدي عيسى Booked
+37°C

مرتفع: +37°

منخفض: +26°

الخميس, 23.07.2020

أحدث المقالات

مقالات

أعمدة الرأي

التعليقات

آخر الأخبار

الخميس، 1 نوفمبر 2018

الباريكي وجريمة بني يلمان..جلّاد أم ضحية!؟ - محمد نبار



★ الباريكي وجريمة بني يلمان..جلّاد أم ضحية!؟


لا تكاد تذكر سيرة الملازم عبد القادر الباريكي، المعروف بـ"السحنوني" إلا وذكرت معها مجزرة مشتى القصبة يوم 28 ماي 1957، المشهورة بـ"حادثة ملوزة"، حيث راح ضحيتها أزيد من 300 شخص، بينهم أطفال ومجانين ومكفوفين ومرضى مقعدين وفلاحين وأجانب كانوا ضيوفا..
وقد كثر الأخذ والرد حول أسباب وقوعها بين مؤيد لها ومستنكر، ومن أشرف على تنفيذ العملية، ومن أعطى الأوامر بذلك، ولتسليط الضوء على دور الملازم المذكور يوم المجزرة وما إن كان جلّادا فعلا أم ضحية، خاصة وأنه طلب قرارا ليحمي به نفسه، لكن فيما بعد اتهم من قبل قائده النقيب أعراب الذي ذكر في تقريره أن "الباريكي" نفذ العملية دون الرجوع إلى مسؤوليه.
كما هو معلوم لدى المهتمين والمتختصين أن الملازم الباريكي كان بالولاية الأولى قبل أن يتم استقدامه إلى الولاية الثالثة، وفي أقل من سبعة أشهر تم تنفيذه لأبشع جريمة في تاريخ الثورة التحريرية، وهي مجزرة بني يلمان. يقول "جودي أتومي" في كتابه "العقيد عميروش أمام مفترق الطرق" أن أثناء مرور الرائد عميروش بالأوراس إلتقى به (أي بالباريكي) في النمامشة، حيث جاء الكثير من مسؤولي وجنود هذه الولاية لرؤيته بعدما سمعوا عنه الكثير. ومرّ التيار سريعا بين الرجلين. مع أن عميروش كان في حالة ترقب بسبب مخاوف بعض القادة المحليين المشوشين - حسبه - أو المنشقين الذين حاولوا الاعتراض على حضوره، مع أنه لم يكن يشكل أي خطر بما أنه لم يأتي بأي وحدة ولم يكن مرفوقا سوى بمجاهدين هما "الحسين بن معلم" و"موري الطيب". ويضيف "أتومي" قائلا "استشف تعاطفا من قبل معظم مجاهدي المنطقة، إنما مع الباريكي وصالح نزار كان شيئا آخر، وكلاهما أرادا مرافقته إلى القبائل". وعلى غرار ما ذكره أتومي وخلافا لما أورده في كتابه جاء في مذكرات "الحسين بن معلم"(1) الذي رافق عميروش في مهمته إلى الولاية الأولى بصفته كاتبه الشخصي، مايلي:"..بالطبع بقي هناك محاربون مخلصون، وكان عددهم كبيرا؛ يشكلون الأغلبية. كانوا في حيرة من أمرهم، بالطبع كانت معنوياتهم ومعنويات السكان معهم، في المستوى الأدنى. لم يتردد بعض الإطارات المستائين من تلك الأجواء المقيتة، في انتقادها صراحة، فاتهموا بعدم الانضباط. تعرضوا للعقوبات على غرار صالح نزار، أو عبد القادر عزيل (الباريكي)، الذين عرض حالهم على عميروش. بعد أن استمع إليهم، حولهم إلى الولاية الثالثة". وبحسب ما أفادنا به أحد المهتمين فإن المجاهد "الطيب سليماني"(2) قال في كلمة ألقاها بمناسبة احتفالية أول نوفمبر منذ قرابة أربعة سنوات، فإن الملازم الباريكي كادت تقع بيه وبين "لحاج لخضر" معركة في منطقة أولاد سلطان، وبالضبط في بلدية "أولاد سفيان" لولا تدخل وسطاء من أمثال "عمار بن بارس"، وهو قدماء مناضلي حزب الشعب الجزائري، و"عبد الله مرزوقي" من جبهة التحرير الوطني. ويضيف - والعهدة على الراوي - أنه تم إرسال اثنين من الوسطاء إلى الباريكي بغرض وأد الخلاف وحلّ الإشكال لكنه قام بقتلهم، مما نُصب له كمين في جبل أولاد علي الواقع في دائرة رأس العيون من ولاية باتنة، حيث قتل من جنوده على ما يزيد من 80 جنديا من أتباعه، وعلى إثر هذا تم تحويله إلى الولاية الثالثة (القبائل). يقول "بن معلم" أنه بعد إعلان المذياع استشهاد محمدي السعيد، إنطلقنا من شيليا في نهاية أكتوبر 1956، وطبعا كان برفقتهم الباريكي، حيث تطلب اجتياز قسم كامل من الولاية الأولى مدة زمنية، في منتصف نوفمبر، اجتزنا حدود الولاية الثالثة، مرورا هذه المرة من الجنوب، من جهة المسيلة. يضيف "في المرحلة الأخيرة برزت مشكلة صغيرة، حيث أن الدليل لم يحسن تقدير المسافات، فإننا لم نتوصل إلى بلوغ الملجأ عند طلوع النهار، أجبرنا على دخول مزرعة بالقرب من مسيلة، لم نكن نعرف صاحبها، أصدرت أوامر بعدم مغادرة المزرعة طيلة اليوم، وانتهت الأمور بسلام في آخر الأمر. في مساء نفس اليوم كنا في ملوزة(3) القرية التي ستشهد بعد بضعة أشهر من ذلك، أحداثا مأساوية وتحديدا في بني يلمان(4)..حيث كان في استقبالنا سي ناصر (بوثريدي حارث) قائد المنطقة(5)..
وفي ولاية القبائل عيّن عميروش الملازم الباريكي قائد كتيبة في المنطقة الأولى(6). في يوم 27 ماي 1957 عقد النقيب أعراب قائد المنطقة الثانية(7) إجتماعا (في بني وڨاڨ - برج بوعريريج) حضره: أعراب، والملازم الباريكي، ورابح الثايري، وسي سليمان، وعلاوة سيوان، وأحمد قادري (صاحب الشهادة)، وسي بوجمعة، وأحسن أومالو..إلخ، بعد الانتهاء من الإجتماع توجه كل من: النقيب أعراب، والملازم الباريكي، ورابح الثايري (بلجرو)، وسي سليمان (الراجح سي موسطاش، محمد النذير بوشمال) باتجاه ملوزة (ونوغة حاليا)، وتمركزو غربها بالعشيشات، وهناك عقد إجتماع آخر كما جاء في شهادة عبد الرحمان بقة أحد الحضور، وفيه طلب الملازم الباريكي قرارا ليحمي به نفسه - بحسب شهود عيان - وهو ما كان على جناح السرعة (المسافة بين ملوزة "ونوغة حاليا" وأكفادوا مقر القيادة تتجاوز الـ 150 كلم على الأقل، ولك أن تتصور المسافة ذهابا وإيابا)، حيث قرأ على مسامع الباريكي القرار في حضرة قائده الأعلى منه رتبة النقيب أعراب. في صبيحة يوم 28 ماي، وعلى الساعة 06:30 تم محاصرة بني يلمان، ثم تمت دعوة الأهالي لحضور إجتماع سيلقي فيه مسؤول الجبهة خطابا بالقصبة، اتجه الرجال من مختلف المشاتي دون تردد منهم، وهناك احتجزوا في الجامع والمدرسة ووزوع الباقي على الدُور (البيوت)، وكان ذلك وسط تحليق طائرات فرنسية وتمركز قوات برية بقيادة النقيب الفرنسي غامبيط على بعد 3 كلم تقريبا عن مسرح الجريمة، في يوم 29 تفاجأ العالم على وقع وهول المجزرة وشناعتها، وسارعت السلطات الفرنسية لتغطية الحدث، متهمة جبهة وجيش التحرير الوطني بمسؤولية ما حدث ببني يلمان. ردت الجبهة التهمة عن نفسها، وطالبت في نفس الوقت لجنة التنسيق والتنفيذ من العقيد محمدي السعيد قائد الولاية أنذاك بالتحقيق، فكلف النقيب أعراب الذي جاء تقريره موجها التهمة للملازم الباريكي ومسوليته التامة والكاملة بشأن المجزرة التي نفذها دون الرجوع إلى مسؤوليه(8).



-------------------------------------------
(1) يقول الحسين بن معلم في حوار أجريّ معه عام 2010 أن مهمة الرائد عميروش بالولاية الأولى لم تكن تعيين قيادة واحدة بالأوراس بقدر ما هو إصلاح ذات البين بين بعض الإخوة الذين أصبحوا أعداء لبعضهم البعض. وقد ذكر في مذكراته أن الصراع الحاصل كان قبلي. غير أن الرائد "محمد الصغير هلايلي" في كتابه "شهداء منطقة الأوراس" برأ الولاية الأولى من تهمة الجهوية والقبلية وسط مجاهدي الأوراس.
(2) توفي رحمه الله منذ قرابة الأربعة أشهر بحسب محدثنا، وكان رحمه الله يعمل مفتش مقاطعة أولاد سلطان بتكليف من جبهة التحرير الوطني. حيث أهله لذلك ثقافته العالية.
(3) بحسب جودي أتومي كذلك فإن الرائد عميروش كان قد انتقل إلى المنطقة للتحقيق في المجزرة التي وقعت بمشتى القصبة.
(4) سنأتي على كلامه في منشورات لاحقة.
(5) سي ناصر وسي البشير وسي أرزقي ومن معهم استشهدوا بالعشيشات (غرب ملوزة - ونوغة حاليا) يوم 12 فيفري 1957، على إثر غارة شنتها الطائرات الفرنسية بسبب وشاية شخص يدعى (م.ع).
(6) تشمل المنطقة الأولى: سطيف، برج بوعريريج، بوڨاعة، صدوق، آميزور، ڨنزات، بني ورثلان، بني عيدل، بوعنداس، آزرو نبشار.
(7) تشمل المنطقة الثانية: بجاية، لقصر، سيدي عيش، آقبو، البويرة، بني منصور، آدكار، تازمالت، مشدالة، بني وڨاڨ، ملوزة (أولاد جلال)، بني يلمان.
(8) يذكر الرائد حميمي (أحمد فضال) أنه استلم رسالة موقعة من النقيب أعراب يؤكد فيها على أنه المسؤول عن العملية التي تمت بأمره وتحت إشرافه.


لتحميل المقال:








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *