أثبت أوفياء الحراك بالجزائر العاصمة وباقي ولايات الوطن، نفسهم الطويل بشغلهم للشارع للجمعة 27 على التوالي، رغم الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة وتزامن الظرف مع العطلة الصيفية، إلا أنهم أبوا إلا أن يواصلوا تنظيم مسيراتهم الاعتيادية التي بدأت منذ 22 فيفيري الماضي، مشددين على استمرار حراكهم الرامي إلى رحيل كل رموز النظام السياسي وتحرير كل مؤسسات الدولة من دوائر الحكم الفاسد واجتثاث العصابة ومؤكدين على وعي سياسي منقطع النظير من إيجاد حلول تخرج البلاد من الأزمة التي تعيشها حاليا.
يتواصل هدير الشارع، للجمعة السابعة والعشرين منذ بداية المسيرات السلمية التي لم تتراجع قوتها، رافضا بأي شكل وتحت أي مبرر استمرار مافيا الحكم، حيث خرج الجزائريون كالعادة في مسيرات جابت شوارع وساحات الجزائر العاصمة، في موعد آخر سجل فيه المتظاهرون تصميمهم على تجسيد مطالبهم، من بينها تكريس السيادة الشعبية وطي صفحة النظام السابق من خلال إبعاد كل رموزه ومحاسبة أصحاب الفساد، فعقب صلاة الجمعة، كانت الوجهة معلومة لدى الكثير من سكان العاصمة وحتى القادمين إليها من باقي الولايات، فقد شرع هؤلاء، مثلما درجوا عليه منذ 22 فبراير الماضي، في التجمع بأهم شوارعها وساحاتها التي تحتضن الحراك الشعبي منذ عدة أشهر، في خطوة أضحت السمة المميزة لنهاية الأسبوع.
واحتضنت شوارع ديدوش مراد وحسيبة بن بوعلي والعقيد عميروش، بالإضافة إلى ساحة موريس أودان والفضاء المحيط بساحة البريد المركزي، رغم الانتشار الكثيف لقوات الشرطة بالزي الرسمي والمدني، جموع المحتجين الذين سجلوا حضورهم، متحدين بذلك حرارة منتصف شهر أوت، وإصرارهم على الاستجابة لمطالبهم المرفوعة منذ قرابة سبعة أشهر تحت شعار “الدرج ينظف من الأعلى إلى الأسفل”.
محور الحوار.. ذهاب رموز العصابة
وتحت شعار “محور الحوار.. ذهاب رموز العصابة وإرجاع السلطة للشعب”، “ونعم للحوار لكن مع شخصيات توافقية”، حافظ المحتجون على موقفهم تجاه مسار الحوار الوطني الذي تديره الهيئة الوطنية للحوار والوساطة التي باشرت في عقد لقاءات مع الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني، حيث أكدوا مجددا رفضهم لأي حوار تشارك فيه الوجوه المحسوبة على النظام السابق، مع إبعاد كل رموز العصابة والمتسببين في الوضع الذي آلت إليه البلاد، حيث رفع المتظاهرون في هذا الشأن لافتات عديدة تكرس تطلعاتهم من بينها، “نعم لحوار شامل بين كل الجزائريين” و”لا حوار.. لا انتخابات بإشراف رموز العصابات”.
كما جدد الحراكيون عبر مكبرات الصوت وصياح الحناجر مطالب الشعب بتغيير النظام سلميا من خلال رفع عديد الشعارات منها شعار “تفعيل المادتين 7 و8 من الدستور” واللتين تعيدان السلطة للشعب، إلى جانب “هدف الحراك في غاية الوضوح.. إرجاع السلطة للشعب” فيما كان الموعد الأسبوعي أيضا فرصة للتأكيد، مرة أخرى، على الوحدة الوطنية كمبدأ ثابت لا يزول، وهو ما كان واضحا من خلال “الجزائريون إخوة” و”جيش شعب، خاوة خاوة”، حيث ركزت أهم الشعارات المرفوعة على الوحدة واستمرار الحراك حتى تحقيق كافة مطالب الشعب منها “يدا بيد لبناء جزائر الغد” و”حراكنا مستمر حتى تحقيق كل المطالب كاملة دون نقصان.
كما جاهر المشاركون بصوت عال بضرورة رحيل الباءات رافعين شعارات “لا بدوي .. لا بن صالح.. والنظام طايح ورايح”، مؤكدين عدم استسلامهم والتراجع عن المسيرات السلمية إلى غاية تحقيق المطالب حيث رددوا في هذا الشأن “لا استسلام .. لا استسلام .. سلمية ماشي حرام”.
تشكيلة الفريق الوطني للفساد اكتملت.. ولوح يصنع الحدث!
وإلى ذلك كانت مسألة محاربة الفساد حاضرة، حيث صنع حبس الطيب لوح الحدث خلال مسيرة أمس، إذ وعلى مرمى حجر من البريد المركزي حمل عدد من المتظاهرين يافطة كبيرة كتب عليها، “وأخيرا… خاطف الأختام في الحراش”، كما عبر عدد آخر عن فرحتهم إذ قال أحدهم في حديثه لـ”الشروق”، “إنها العدالة ..الله انتقم لكل من محمد تامالت والناشط السياسي والحقوقي، كمال الدين فخار، وكل من ظلمته عدالة المجرم والفاسد الطيب لوح”، فيما لفت أحد المتظاهرين بساحة موريس أودان الانتباه من خلال رفعه يافطة كبيرة كتب عليها “الوزير الأول أحمد أويحيى يستقبل وزير العدل خاطف الأختام بمقر الحكومة الجديدة بالحراش”.
وبالمقابل، طلب المتظاهرون بضرورة مواصلة محاسبة جميع المتورطين في الفساد واسترجاع الأموال والممتلكات المنهوبة، وهو تأكيد عكسته العديد من الشعارات على غرار “محاربة الفساد يجب أن تتواصل باسترجاع أموال الشعب” و”عدالة نزيهة.. عصابة مسجونة.. مشكورين على ذلك”، إلى جانب رفع عدد من الشعارات المألوفة على غرار “من باع الجزائر بلا ثمن اشترى سجن الحراش بأغلى ثمن وما النصر إلا عند الله”، و”سجن الحراش يقول هل من مزيد وغيرها من الشعارات”.
وبالمقابل، دعا المتظاهرون جهاز العدالة إلى ضرورة توسيع دائرة التحقيقات لتشمل رؤساء الفساد المعروفين من رؤساء الحكومات ووزراء وولاة وقيادات أحزاب الموالاة والقضاء ومصالح الأمن والجمارك وكبار موظفي الدولة، ليرى الجميع أن هناك إرادة سياسية لبناء الجزائر الجديدة، على حد تعبير المحتجين.
على بعد خطوات من الدخول الاجتماعي
الجمعة 27 على وقع فاجعة حفلة “سولكينغ”
عاد الجو المناخي المنعش لغالبية المدن الجزائرية، حيث تم تسجيل تساقط كثيف للأمطار في العديد من ولايات شرق البلاد، وهو ما ساهم في عودة المواطنين إلى الشارع وأنذر بأن الدخول الاجتماعي القادم بعد أيام، سيكون لتأكيد مطالب الشعب الذي بدا مصرّا على أن ترحل حكومة بدوي بكل طاقمها بما فيه وزارة الثقافة التي حوّلت حفلة عادية من مغني عادي جدا إلى مأساة بسبب سوء تنظيمهم، وعدم تحملها لمسؤولية هلاك شباب وشابات ذنبهم الوحيد أنهم أرادوا حضور حفلة غناء.
القسنطينيون بين الحرائق والمأساة الثقافية
ساهمت الأمطار الغزيرة التي تساقطت على مدينة قسنطينة سهرة الخميس وفجر الجمعة في عودة الحياة للشارع بعد صلاة جمعة أمس، حيث فضل المواطنون البصم على تواجدهم مع الحدث، من دون التفريط في المطالب المشروعة وهي جرّ مزيد من تماسيح الفساد إلى العدالة ومنهم على وجه الخصوص من عيّشوا قسنطينة مدينة الحضارة والتاريخ في التخلف الذي يضربها في كل المجالات، كما واصل عشاق البيئة بمطالبتهم المسؤولين حالا وليس غدا لأجل رسم برنامج لتشجير الغابات التي أتلفتها النيران وتساءلوا عن مصير التحقيقات بشأن الحرائق التي أتت على غابتي جبل الوحش وشطابة من دون معرفة الفاعل أو الفاعلين، ورفعوا نداء طالبوا فيه بمحاسبة وزارة الثقافة التي تسببت حسبهم في وقوع كارثة ملعب 20 أوت في حفلة المعني المدعو سولكينغ.
عنابة: رفض انتخابات يشرف عليه رموز العصابة
ردد سكان ولاية عنابة عدّة هتافات رافضة للانتخابات الرئاسية تحت مظلة وبرعاية رموز النظام السابق، كما جدد المتظاهرون رفضهم للوجوه المشكلة للجنة الحوار التي يرأسها كريم يونس، وطالبوا بلجان ولائية قوية، وبإجراء حوار وطني شامل لإيجاد الحلول اللازمة لحل الأزمة الحالية بقيادة من يثق فيهم الشعب.المتظاهرون الذين أنعشتهم الأحوال الجوية الخريفية جابوا شوارع المدينة رافعين الأعلام الوطنية كالعادة، وهتفوا “جيش شعب .. خاوة خاوة” و”روحو تروحو يا سراقين”.
ونبّهوا إلى أن عنابة أيضا تنتظر المنجل لأنها مليئة باللصوص الذين نهبوا القطع الأرضية والأموال التي تم الاستيلاء عليها بطرق غير شرعية من طرف بعض الأشخاص المعروفين في عنابة، من النافذين والسياسيين في وقت سابق، ولعدة عقود.
ميلة: الجيش والشعب جسد واحد
احتشد مئات من المواطنين بعاصمة الولاية ميلة والبلديات الكبرى منها عاصمة الولاية ميلة، فرجيوة، شلغوم العيد، تاجنانت، القرارم قوقة، وادي العثمانية، التلاغمة وغيرها من المدن، للمطالبة برحيل رموز النظام السابق ومواصلة محاسبة المسؤولين على جميع المستويات في نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، مؤكدين على ضرورة الاستجابة للمطالب الشعبية للحراك.
وندد المحتجون بتجاهل المطالب الشعبة معبرين عن عدم اعترافهم بمن يمثلهم في المشاورات مرددين شعارات “الجيش الشعب جسد واحد”، “تتنحاو قاع”، “فخامة الجيش الشعب خاوة خاوة” .
سكيكدة: لا حوار مع العصابات
أصر المشاركون في الحراك الشعبي بسكيكدة، على رفض الشخصيات الوطنية المدعوة لقيادة الحوار الوطني الشامل، وقالوا إن الأشخاص المدعوين للحوار كانوا بالأمس يترجون الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة للترشح إلى عهدة رئاسية خامسة، حيث تفاجؤوا بأنهم اليوم هم من يديرون الحوار أمثال المحامية بن براهم، وقالوا إن الحراك الشعبي لم يختر أمثالها وهذا ما لخصه الشعار الذي رفعوه “يا للعار، يا للعار العصابة تتزعم الحوار”، كما طالبوا أيضا خلال المسيرة السلمية رقم 27 التي انطلقت من حي 20 أوت 1955 مرورا بالشارع الرئيسي وصولا إلى ساحة الحرية والتي شهدت حضورا قويا للمشاركين فيه والقادمين من مختلف بلديات الولاية البالغ عددهم 38 بلدية، رغم حرارة الطقس، بتطبيق المادتين 7و 8، كما رفضوا رفضا قاطعا الحوار مع العصابات، ورحبوا بمحاورة الكفاءات وهذا ما لخصه الشعار الذي رفعوه” لا حوار مع العصابات، نريد حوار الكفاءات”.
بجاية: لا لقانون الأقوى.. نعم لقوانين قوية
خرج عشرات الآلاف من البجاويون في مسيرة حاشدة تزامنا والجمعة 27، شارك فيها الصغار والكبار، نساء ورجال، انطلقت كالعادة من ساحة دار الثقافة “الطاوس عمروش” التي أضحى يطلق عليها “ساحة الحراك” باتجاه الميناء مرورا بكل من مقر الولاية وساحة حرية التعبير “سعيد مقبل” أين تم الوقوف دقيقة صمت ترحما على أرواح شهداء الثورة التحريرية بمناسبة يوم المجاهد، قبل الاستماع إلى النشيد الوطني.
وقد جدد المشاركون في هذه المسيرة رفضهم المطلق لبقاء بن صالح وبدوي وحكومة هذا الأخير في هرم السلطة معتبرين إياهم من بقايا نظام بوتفليقة الفاسد، حيث طالبوا في هذا الصدد بضرورة رحيل كل رموز النظام ومن دون استثناء، حيث أشار أحد المواطنين في هذا السياق أنه “لا شيء تغير.. لازلنا نشاهد نفس الوجوه تدور حول فلك السلطة” قبل أن يضيف “من المستحيل إجراء انتخابات نزيهة برعاية العصابة”، فيما أشار مواطن آخر أنه “لن نتوقف إلا بعد تطهير البلاد من كل الفاسدين الذين دمروا الوطن وحولوا أحلام شبابها إلى كوابيس طوال عشرين سنة من حكم بوتفليقة”.
الحراك بولايات الغرب
نعم لجمهورية جديدة دون الرموز القديمة
ثمن حراك الجمعة الـ27 بولايات الغرب تفاؤل المتظاهرين من وراء محاكمة رموز النظام الفاسد من طرف المحكمة العليا، آخرها بعد إيداع وزير العدل حافظ الأختام السابق طيب لوح سجن الحراش والذي التحق بركب تعداد المحبوسين من وزراء حكومتي سلال واويحيى ورؤوس أخرى ضالعة في الوضع السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي المتأزم للبلاد.
وحمل المتظاهرون في مسيرتهم بعد صلاة الجمعة كالعادة وتحت شمس حارقة جاوزت حرارتها 46 تحت الظل، العديد من الشعارات تضم رسائل منها التي تم الفصل فيها جسدتها وعود القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي والقضاء وأخرى تحمل مزيدا من مطالب الحراك منها التي تقول… قلنا جمهورية ثانية ماشي عصابة ثانية… باسم الله باسم الله يتنحاو بإذن الله… وأخرى من الشعارات المتعلقة أساسا على مواصلة محاسبة كل المتسببين دون الإغفال في محاسبة حاشية الرموز الفاسدة التي أوصلت البلاد للصورة البائسة، منهم من هتفوا بصوت مدو… تتحاسبوا قاع يا لي اهلكتوا البلاد والعباد… كما عبر المستاؤون من الوضع المقلق لبلادهم خلال هذه المظاهرة الشعبية الحاشدة هاتفات… برحيل رموز النظام السابق وإصرارهم على الباءات المرفوض من طرف الشعب يمليها مضمون الحراك الشعبي لا غير.. تسمح بالمرور إلى انتخابات رئاسية نزيهة بدون تأويلات من أجل جمهورية جديدة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire