أربع نجمات هادية على طريق الوعي
1-
في الكيمياء لا تستقيم نظريتك إلا بالتجريب..
أما في السياسة ، فالرهان على أحد أمرين : المعلومة الموثوقة ، أو القراءة الدقيقة العميقة ..
الوهم وسُلّم التنقيط المبني على الاشتهاء والتمني والظن ، لا يمكن أن يكون مرتزا لموقف صحيح ..
مثلا ..قد يظنّ بعضهم أنه (صديق) مؤسسة ما ، بينما هو في الحقيقة فقط (عدوُّ عدوّها) ، ويلتقي معها ظرفيا في مهمة محاربة هذا العدو المشترك ..
خذ أي عدوّين وضَعْهُما في حفرة .. سيتقاتلان ..ثم ارمِ معهما ثعبانا ...فسيوقفان صراعهما ، ليجتمعا معا على قتل الثعبان ..
هناك مَن اعتقد أنّه صديق مؤسسة ما ، وحين جاء وقت الامتحان، أدركَ أنه كان يعيش في الوهم ، وأنه هو وحده من خدع نفسه بجبال من أوهام ، بينما لم يصدر من تلك المؤسسة ولو إشارة على أنها صديقة له .
شخصيا ، لا يهمني أن أكون صديقا للجيش ، بقدر ما يهمني أن يحترمني الجيش ، أن يحترم مواقفي ووفائي وصراحتي ووضوحي ..
لأن الاحترام يبني شراكة قوية .. أما الحب من طرف واحد ، فهو ليس سوى وهم ، سيكتشفه المحب المخطئ في حساباته ، حين ترتبط حبيبته بغيره..
2-
قال لي : أنت والجماعة الفلانية في تيار واحد ..
قلت : ذلك صحيح ، لكن أحدنا في هذا التيار بانٍ، والآخر هادم .
واستطردتُ أقول : الفرق بيننا وبين غيرنا هو أننا نريد أن نُخرِج للجود تيارا قائما بذاته ، بينما يريد غيرنا أن يصنع لمؤسسة الجيش تيارا ...
مؤسسة الجيش ليست عقيدة أو فكرة يمكن أن تبنى عليها جماعة أو تيار .. وهي ظرفية يحكمها الزمان والمكان ...بينما التيارات والجماعات تبنى على الأفكار والعقائد ...
المسلمون مثلا ، تيار مبني على عقيدة وفكرة ، وليس على مجرد
الذين ينبتون على ضفاف الجيش ، كمواطني الدول العربية الذين ينبتون على ضفاف فرق كرة القدم الغربية ، والقروي الجزائري الذي يشجّع (البارصا ) ، تشجيعه مرهون ببقاء تألق البارصا .. فإن انطفأ نجمه ، أفلَ هذا الحب الذي هو من طرف واحد ...
هناك فرق كبير بيننا حين نقول للناس : ( قوموا قياما على أمشاط أرجلكم واصنعوا مجدكم بأنفسكم ، وأقيموا صفا منظّما قويا ينشر الفكرة والهوية والثقافة والوطن ) ..وبين غالذي يقول للناس : ( أيها الناس لا داعي لأن تقوموا ، لأن هناك من سيقوم بهذا الواجب ، وعليكم فقط أن تصفقوا لهم حين يقوم به...)
هناك فرق بيننا حين نقول لتيارنا : ( لقد حدثت في أمر الحوار انتكاسة أو صفقة ، وعليكم أن تتركوا تحميل الجيش كل واجباتكم ، وواجبكم أن تحكّوا جلدكم بأظفاركم ) ..وبين من يقول للتيار : ( اطمئن فكل ما ترونه هو مجرد استدراج ، وسيقوم الجيش بواجبه ) ..فيجلس الناس في بيوتهم ، لا يفعلون شيئا ،غير انتظار ( المهدي المنتظر) و(المخلص) و( المنجل) ..
كم سيبقى الجيش على هذه العقيدة ، أمام التآمر ، واحتمالات السياسة المتقلبة ؟
ماذا لو أن الدولة العميقة عادت لتحكم الجيش والمخابرات بعد سنة أو مائة سنة ؟ هل هناك تيار قائم ومنظم سيقف في وجهها ، كما يقف التيار الفرنكوبربريستي اليوم في وجه الجيش الحالي ؟
فرقٌ كبير من يغرر بالناس ، ويطمئنهم ، وبين من يحثهم على الحذر والقيام ..
فرق بين من يريد تكوين فريق كرة قدم ..ومن يريد تكوين تيار من المتفرجين والمحضرين القضائيين ، الذين يصفّقون ويكبّرون وهم يعلنون اعتقال فلان ومحاكمة علانة ..
ماذا لو أن الجيش لم يخرج من صمته ومراقبته ، ليقف في وجه الذين كانوا يريدون استعمال لجنة الحوار لتحقيق مآرب سياسية ، رفضها قائد الأركان في خطابه ؟ هل كان التيار النوفمبري قادرا على أن يقف في وجه هذا المخطط ؟
ألم يتذمر قائد الأركان نفسه من هؤلاء الذين ينتظرون منه أن يفعل كل شيء ، حين قال يوما : ( أين النخب ؟ أين الشخصيات؟) ..
المشكلة أن هؤلاء الذين يخذلون الجيش ويتركونه وحيدا في المواجهة ، هم أنفسهم من يدعون أنهم الأقرب إلى الجيش ، وأنهم أصدقاؤه ، رغم أنهم لم يساندوه يوما بغير التصفيق .. ولذلك نرى أن الجيش لم يلح يوما لما يقومون به ولو مجرد تلميح ..
انظروا إلى التيار الآخر ، لتدركوا أنه قائم بذاته ، في الإعلام والمؤسسات والنقابات والأحزاب ، وفي كل تفاصيل حياة الناس ...وحتى حين فقد نفوذه في بعض مؤسسات الدولة وسجن رؤوسه ، فقد بقي موجودا ، يناور ويفاوض ويطالب ويضغط ..وإذا لم يظهر تيار أصيل مدني في الواقع ، وبقي الرهان فقط على الجيش لمواجهة هؤلاء ، فإن المعادلة ستكون مختلة .. وإن المعركة ستكون محسومة للطرف الموجود على الأرض ، لا لمختبئ في جيوب بزات أفراد الجيش ..
3-
من قرأ تاريخ الفترة الأخيرة لإمارات المسلمين في الأندلس ، أدركَ أنّ الارتباك والتخبط من علامات الضعف .. لأنّ فترات القوة في حياة الدول يظهر فيها الحسم والثبات..
وإن كان بعضهم ينظر بإيجابية إلى رجوع كريم يونس عن استقالته ، فالحقيقة أن ذلك مما يضاف إلى الأداء المرتبك للسلطة في هذه المرحلة .. وهو شبيه ، بإعلان بعض المعارضين رجوعهم إلى الوطن ، ثم حدوث ما يجعلهم يتراجعون عن ذلك .. فكل ذلك مما يزيد من ضبابية الصورة وغبشها واضطرابها ..
هنا يجب أن نسجّل أنّ الأمور إذا تكرر اضطرابها ، فقدت الثقة بها ...والرئيس المخلوع بوتفليقة ، حين كثرت أخبار وفاته مع تكذيبها بعد ذلك ، لم يعد أحد يصدق تلك الأخبار ولا يثق فيها .. واليوم مع اضطراب هذه اللجنة ، سيتوقع الجزائريون أن هذه اللجنة ستعلن بعد غد قرارا آخر ، قد يكون استقالة جديدة ..وبعدها بيومين قد تتراجع مرة أخرى عن الاستقالة ..
هذا الاضطراب الذي نراه اليوم ، سيء .. وهو من علامات الانسداد وطول الأزمة .. والتعفن ..
4-
بعد الذي حدث للتيار الباديسي النوفمبري من ..أجدُني اليوم أميل أكثر إلى استعمال وتبني تسمية ( العقبية) و(التيار العقبي) تميّزا ... والسياسة أن تستطيع إدراك الحدود التي تنتهي فيها أنت ويبدأ فيها غيرك ..
اختيارنا العقبية ، ترسيم ضروري لحدود بيننا وبين غيرنا ممن لبس ثوب (النوفمبرية الباديسية ) تجارة ، بعد أن أدرك أن مؤسسة الجيش تتبنى المصطلح ...
ولأننا ، لا نحب أن نكون مجرد فطريات تعيش من غيرها ، كما لا نستند تاريخيا إلى ( الفينيقية) القحطانية ، بل إلى عرب الفتوحات .. فإنا نختار العقبية ..
من أراد أن يكون سياسيا ناجحا .. فليضبط بوصلته جيّدا ..
#ما_نشربش_العرعار
------------------------
محمد جربوعة
في الكيمياء لا تستقيم نظريتك إلا بالتجريب..
أما في السياسة ، فالرهان على أحد أمرين : المعلومة الموثوقة ، أو القراءة الدقيقة العميقة ..
الوهم وسُلّم التنقيط المبني على الاشتهاء والتمني والظن ، لا يمكن أن يكون مرتزا لموقف صحيح ..
مثلا ..قد يظنّ بعضهم أنه (صديق) مؤسسة ما ، بينما هو في الحقيقة فقط (عدوُّ عدوّها) ، ويلتقي معها ظرفيا في مهمة محاربة هذا العدو المشترك ..
خذ أي عدوّين وضَعْهُما في حفرة .. سيتقاتلان ..ثم ارمِ معهما ثعبانا ...فسيوقفان صراعهما ، ليجتمعا معا على قتل الثعبان ..
هناك مَن اعتقد أنّه صديق مؤسسة ما ، وحين جاء وقت الامتحان، أدركَ أنه كان يعيش في الوهم ، وأنه هو وحده من خدع نفسه بجبال من أوهام ، بينما لم يصدر من تلك المؤسسة ولو إشارة على أنها صديقة له .
شخصيا ، لا يهمني أن أكون صديقا للجيش ، بقدر ما يهمني أن يحترمني الجيش ، أن يحترم مواقفي ووفائي وصراحتي ووضوحي ..
لأن الاحترام يبني شراكة قوية .. أما الحب من طرف واحد ، فهو ليس سوى وهم ، سيكتشفه المحب المخطئ في حساباته ، حين ترتبط حبيبته بغيره..
2-
قال لي : أنت والجماعة الفلانية في تيار واحد ..
قلت : ذلك صحيح ، لكن أحدنا في هذا التيار بانٍ، والآخر هادم .
واستطردتُ أقول : الفرق بيننا وبين غيرنا هو أننا نريد أن نُخرِج للجود تيارا قائما بذاته ، بينما يريد غيرنا أن يصنع لمؤسسة الجيش تيارا ...
مؤسسة الجيش ليست عقيدة أو فكرة يمكن أن تبنى عليها جماعة أو تيار .. وهي ظرفية يحكمها الزمان والمكان ...بينما التيارات والجماعات تبنى على الأفكار والعقائد ...
المسلمون مثلا ، تيار مبني على عقيدة وفكرة ، وليس على مجرد
الذين ينبتون على ضفاف الجيش ، كمواطني الدول العربية الذين ينبتون على ضفاف فرق كرة القدم الغربية ، والقروي الجزائري الذي يشجّع (البارصا ) ، تشجيعه مرهون ببقاء تألق البارصا .. فإن انطفأ نجمه ، أفلَ هذا الحب الذي هو من طرف واحد ...
هناك فرق كبير بيننا حين نقول للناس : ( قوموا قياما على أمشاط أرجلكم واصنعوا مجدكم بأنفسكم ، وأقيموا صفا منظّما قويا ينشر الفكرة والهوية والثقافة والوطن ) ..وبين غالذي يقول للناس : ( أيها الناس لا داعي لأن تقوموا ، لأن هناك من سيقوم بهذا الواجب ، وعليكم فقط أن تصفقوا لهم حين يقوم به...)
هناك فرق بيننا حين نقول لتيارنا : ( لقد حدثت في أمر الحوار انتكاسة أو صفقة ، وعليكم أن تتركوا تحميل الجيش كل واجباتكم ، وواجبكم أن تحكّوا جلدكم بأظفاركم ) ..وبين من يقول للتيار : ( اطمئن فكل ما ترونه هو مجرد استدراج ، وسيقوم الجيش بواجبه ) ..فيجلس الناس في بيوتهم ، لا يفعلون شيئا ،غير انتظار ( المهدي المنتظر) و(المخلص) و( المنجل) ..
كم سيبقى الجيش على هذه العقيدة ، أمام التآمر ، واحتمالات السياسة المتقلبة ؟
ماذا لو أن الدولة العميقة عادت لتحكم الجيش والمخابرات بعد سنة أو مائة سنة ؟ هل هناك تيار قائم ومنظم سيقف في وجهها ، كما يقف التيار الفرنكوبربريستي اليوم في وجه الجيش الحالي ؟
فرقٌ كبير من يغرر بالناس ، ويطمئنهم ، وبين من يحثهم على الحذر والقيام ..
فرق بين من يريد تكوين فريق كرة قدم ..ومن يريد تكوين تيار من المتفرجين والمحضرين القضائيين ، الذين يصفّقون ويكبّرون وهم يعلنون اعتقال فلان ومحاكمة علانة ..
ماذا لو أن الجيش لم يخرج من صمته ومراقبته ، ليقف في وجه الذين كانوا يريدون استعمال لجنة الحوار لتحقيق مآرب سياسية ، رفضها قائد الأركان في خطابه ؟ هل كان التيار النوفمبري قادرا على أن يقف في وجه هذا المخطط ؟
ألم يتذمر قائد الأركان نفسه من هؤلاء الذين ينتظرون منه أن يفعل كل شيء ، حين قال يوما : ( أين النخب ؟ أين الشخصيات؟) ..
المشكلة أن هؤلاء الذين يخذلون الجيش ويتركونه وحيدا في المواجهة ، هم أنفسهم من يدعون أنهم الأقرب إلى الجيش ، وأنهم أصدقاؤه ، رغم أنهم لم يساندوه يوما بغير التصفيق .. ولذلك نرى أن الجيش لم يلح يوما لما يقومون به ولو مجرد تلميح ..
انظروا إلى التيار الآخر ، لتدركوا أنه قائم بذاته ، في الإعلام والمؤسسات والنقابات والأحزاب ، وفي كل تفاصيل حياة الناس ...وحتى حين فقد نفوذه في بعض مؤسسات الدولة وسجن رؤوسه ، فقد بقي موجودا ، يناور ويفاوض ويطالب ويضغط ..وإذا لم يظهر تيار أصيل مدني في الواقع ، وبقي الرهان فقط على الجيش لمواجهة هؤلاء ، فإن المعادلة ستكون مختلة .. وإن المعركة ستكون محسومة للطرف الموجود على الأرض ، لا لمختبئ في جيوب بزات أفراد الجيش ..
3-
من قرأ تاريخ الفترة الأخيرة لإمارات المسلمين في الأندلس ، أدركَ أنّ الارتباك والتخبط من علامات الضعف .. لأنّ فترات القوة في حياة الدول يظهر فيها الحسم والثبات..
وإن كان بعضهم ينظر بإيجابية إلى رجوع كريم يونس عن استقالته ، فالحقيقة أن ذلك مما يضاف إلى الأداء المرتبك للسلطة في هذه المرحلة .. وهو شبيه ، بإعلان بعض المعارضين رجوعهم إلى الوطن ، ثم حدوث ما يجعلهم يتراجعون عن ذلك .. فكل ذلك مما يزيد من ضبابية الصورة وغبشها واضطرابها ..
هنا يجب أن نسجّل أنّ الأمور إذا تكرر اضطرابها ، فقدت الثقة بها ...والرئيس المخلوع بوتفليقة ، حين كثرت أخبار وفاته مع تكذيبها بعد ذلك ، لم يعد أحد يصدق تلك الأخبار ولا يثق فيها .. واليوم مع اضطراب هذه اللجنة ، سيتوقع الجزائريون أن هذه اللجنة ستعلن بعد غد قرارا آخر ، قد يكون استقالة جديدة ..وبعدها بيومين قد تتراجع مرة أخرى عن الاستقالة ..
هذا الاضطراب الذي نراه اليوم ، سيء .. وهو من علامات الانسداد وطول الأزمة .. والتعفن ..
4-
بعد الذي حدث للتيار الباديسي النوفمبري من ..أجدُني اليوم أميل أكثر إلى استعمال وتبني تسمية ( العقبية) و(التيار العقبي) تميّزا ... والسياسة أن تستطيع إدراك الحدود التي تنتهي فيها أنت ويبدأ فيها غيرك ..
اختيارنا العقبية ، ترسيم ضروري لحدود بيننا وبين غيرنا ممن لبس ثوب (النوفمبرية الباديسية ) تجارة ، بعد أن أدرك أن مؤسسة الجيش تتبنى المصطلح ...
ولأننا ، لا نحب أن نكون مجرد فطريات تعيش من غيرها ، كما لا نستند تاريخيا إلى ( الفينيقية) القحطانية ، بل إلى عرب الفتوحات .. فإنا نختار العقبية ..
من أراد أن يكون سياسيا ناجحا .. فليضبط بوصلته جيّدا ..
#ما_نشربش_العرعار
------------------------
محمد جربوعة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire