في منتصف ليلة الجمعة (31 ماي 1957) أطل "ريني كوتي" - عقب جريمة بني يلمان مباشرة - بصفة خاصة في الإذاعة مناشدا ضمير العالم المتحضر بأن يشهد بالجريمة البشعة التي ارتكبتها جبهة التحرير الوطني ضد أهالي بني يلمان (الثلاثاء 28 ماي 1957) واصفا إياها (أي المجزرة) بأنها من أعمال وأفعال المرتزقة، وطالب في ذات الوقت بأن لا يتم الاستماع لمثل هؤلاء (أي لجبهة التحرير)، كون ما قامت به هذه الأخير يندرج في خانة الانتهاكات الوحشية والأعمال الإرهابية التي تتعدى كل القوانين الإنسانية والدولية(1)..
فور هذا النداء ردت دبلوماسية جبهة التحرير الوطني في هيئة الأمم المتحدة - نيويورك سريعا على لسان ممثلها أمحمد يزيد يوم الأحد 2 جوان 1957 ببرقية مطولة بعث بها إلى الأمين العام جاء فيها "إننا أنفسنا تحت تصرفكم لتسهيل كل مهمة تحقيق تباشرها الأمم المتحدة؛ ونكون لكم لكم شاكرين إذا بلغتم إلى رئيس الجمهورية الفرنسية إقتراحنا الذي لا يمكن منطقيا رفضه في أعقاب نداءه، وإننا لواثقون أن أي تحقيق نزيه سوف يثبت كذب الإتهامات الفرنسية، ويثير سخط الضمير العالمي على أساليب الجيش الفرنسي في الجزائر"(2).
من جهتها قامت دبلوماسية الحركة الوطنية بنيويورك، وعلى لسان ممثلها عابد بوحافة بالرد عما ورد في نداء ريني كوتي، حيث قال: إن المحاولة التي قام بها ريني كوتي من أجل تلطيخ سمعة قضيتنا معتمدا على تراجيديا ملوزة (بني يلمان) لأمر مؤسف..(3).
هذا وقد صرح أحمد توفيق المدني من القاهرة أمام الصحافة وجمع من وكالات الأنباء مايلي:"نحن نطلب بحثا أمميا عادلا، تقوم به هيئة الأمم المتحدة أو هيئة عالمية، ما دامت فرنسا تدعي أننا قمنا بهذه المذبحة، ونحن ندعي أنهم هم الذين قاموا بها، وإن رئيس جمهورية فرنسا عندما ألقى خطابه عنها باكيا، ما كان إلا ممثلا بارعا(4)".
والسؤال هل قبلت فرنسا بطلب جبهة التحرير الوطني والحركة الوطنية بإيفاد لجنة تحقيق أممية إلى مشتى قصبة بني يلمان؟ الجواب: لا. فقد ذكرت جبهة التحرير الوطني في جريدة "المقاومة الجزائرية"(5): إننا لا نتصور بعد نداء رئيس الجمهورية الفرنسية كيف يمكن لهذا الأخير (ريني كوتي) أن يعارض في تكوين لجنة أممية تبحث الأساليب الحربية المتبعة في الجزائر. إننا نعتقد أن الكاتب العام لهيئة الأمم المتحدة يشخص الضمير العالمي الذي استصرخه "كوتي"..
________________
1- نداء رئيس الجمهورية الفرنسية تم نشره عبر الجرائد والصحف على غرار "لوفيغارو" و"ليكو دالجي" و"لو جورنال"..إلخ، في اليوم الموالي "السبت 1 جوان 1957". كما تم نشره بالجريدة الرسمية الفرنسية يوم 6 جوان 1957.
2- البرقية نشرتها جبهة التحرير الوطني يوم 10 جوان 1957 في جريدة "المقاومة الجزائرية".
3- جريدة لوفيغارو عدد: 6 جوان 1957.
4- حياة كفاح مع ركب الثورة التحريرية، صفحة: 308.
5- عدد 17 جوان 1957.
-------------------------------------------
بقلم الباحث : محمد نبار
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen