"أولاد بوشيبة" زمورة - ولاية برج بوعريريج.
يقول الباحث محمد نبار :(15/03/2018)
حللنا يوم أمس الأربعاء 14 مارس بقرية "أولاد بوشيبة" التي هجرها أهلها دون رجعة، وبالرغم من أنها مجرد أطلال إلا أنها تخفي بين جدارن تلك المنازل وخلف أبوابها تاريخا زاخرا وحافلا بالملاحم والمآثر، فقد كانت منارة للعلم والعلماء ومقصد طلابه وحفظة القرآن، وبها نسخت المخطوطات الفقهية والمصاحف وغيرها، وعندما هممنا بالمغادرة تصادفنا مع أحد الأشخاص متجها نحوها فاستوقفناه وسألناه عن تاريخ القرية وتاريخ تأسيسها ونسب أهلها، فأجاب قائلا أن القرية قديمة جدا ويطلق على جهتها العلوية أين توجد المقبرة القديمة حاليا ب"أولاد بوشيبة الفوڨانية"، كما توجد مقبرة حديثة بالقرب من المسجد "عبد الرحمان البوشيبي"، وأضاف أن أهالي القرية هجروها أثناء فترة العشرية السوداء ولظروف إجتماعية قاسية قاهرة أجبرتهم على ذلك، ومما قاله محدثنا أنه لا يوجد تاريخ ثابت يؤكد على تاريخ يحدد تأسيس القرية بالضبط خاصة وأن المخطوطات والمدونات ضاعت وبعضها تم نهبه وسرقته، غير أنه قال "لقد كانت العائلة تحتفظ بعقد مؤرخ في القرن ال7ه (14م) كتب (أو نسخ) بالقرية - بحسب ما حدثني به الوالد - وهو موجود ومحتفظ به عند أحد أفرادها".
وللإشارة لقد ورد في كتاب "نزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار" المشهور ب"الرحلة الوثلانية" للحسين الورتلاني، صفحة 43، وكتاب "تعريف الخلف برجال السلف" لصاحبه الحفناوي، صفحة: 291 أن "أولاد بوشيبة" المتواجدة قريتهم ببرج زمورة ينحدرون من "يلمان بن امحمد الادريسي الحسني الشريف"، حيث ذكر الورتلاني مايلي: "ومنهم شرفاء القصبة دار علم وبركة وشجاعة وقد زرت الجميع والحمد لله سبحانه"، وأضاف أن منهم الشيخ "علي الطيار" وولده الشيخ "محمد بن المبارك"، وزاد قائلا أن من زمورة أولاد أبي شيب (في نسخة أولاد بوشيبة وأخرى أولاد بوشيب) وأنهم شرفاء..وقد رأيت في بعض رسوم الشرفاء وأضنه كلام ابن فرحون الذي قال:"ولا شريف في زمورة أعني بني فرقان إلا طائفة يقال لها أبوشيب (شيبة)..". وبحسب الروايات المتواترة فإن "أولاد بوشيبة" هم أبناء عمومة مع "أولاد مبارك" المتواجدون حاليا غرب ولاية برج بوعريرج، وبالضبط أقصى شمال قصبة بني يلمان بالمسيلة، ويذكر بعض الأهالي بأولاد مبارك روايات تناقلوها بالمشافه أن أصولهم من بني يلمان، أن جدهم أسس مدرسة (زاوية) بجانب الطريق الرابط بين القصبة ومشتى لخرب. وقد ورد -أيضا- بالجرد الفرنسي ذكر "محمد بن المبارك" (Ouled Sidi Mohammed Ben M'barek) ضمن فرق بني يلمان. ويقول الحسين الورثلاني في رحلته أن الشيخ "محمد بن مصباح" المنحدرون من قرية "إلماين" (برج بوعريريج) [جدهم حالّة بن عامر الموفق إلى يلمان بن امحمد الادريسي الحسني الشريف] إلى "بني يعلى" (سطيف) قد خلّف ولدان هما: الشيخ أحمد زروق والشيخ سيدي أحمد (محمد) بن المبارك، فهل هذا الأخير هو جد "أولاد مبارك" بالقرب من القصبة!؟
انتقلنا من بعدها إلى "القليعة" المهجورة هي الأخرى وهناك وجدنا عمي "عبد الحكيم" وهو من الأشراف البوازيد -بحسبه- الذين قطنوا واستقروا بالمكان قبل أن يهجرها أهلها فرادى وجماعات لنفس السبب الذي هجر به أهالي قرية "أولاد بوشيبة"، وعندما سألنا عن الوجهة التي قدمنا منها أجبناه أننا من "قصبة بني يلمان"، لكنه لم يعرفها ولم يعرف موقعها، وما إن ذكرّناه بالمجزرة المعروفة ب"ملوزة" التي وقعت يوم 28 ماي 1957، قال: إنها معركة "ملوزة"!!، فرددنا عليه وقلنا بل مجزرة وقعت ببني يلمان، وسردنا له تفاصيلها، فضحك وقال:"كنت أدرس تلاميذي وعندما أتوقف عند أهم المعارك أقول معركة ملوزة".
---------------------------------
بقلم الباحث محمد نبار.
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen