★
إشكالية تحديد تاريخ تأسيس "يلمان" لقصبته..
يقول الأستاذ عامر علواني في مقال له يحمل عنوان
"قصة سيدي بتقة أم سيدي أحمد بوعدي" أن قصبة بني يلمان الموجودة في أعالي
جبال ونوغة تُعد أقدم قصبة للمسلمين في الجزائر. وعلى الرغم من تعدد المصادر وكثرتها
التي تناولت خروج "يلمان بن امحمد" من فاس بالمغرب الأقصى ودخوله المغرب
الأوسط (الجزائر)، إلا أنها لا تشير إلى التاريخ الذي أسس فيه قصبته التي تنسب إليه
اليوم. وهذا ما جعل الغموض يكتنفها من هذا الجانب وتجعل الواحد منا في حيرة من أمره،
خاصة في ظل شح الوثائق التاريخية وقلّتها التي من شأنها أن تحدده أو على الأقل تعطينا
فكرة عن ذلك، لذا يعتبر المشكلة الراهنة حاليا، إلا أنه في تقديرينا توجد معطيات وشواهد
يمكننا من خلالها أن نصل إليه ولو بالتقريب.
وانطلاقا من تاريخ ميلاد العالم الفقيه
"محمد بن ناصر اليلماني" عام (1073ه/1663م)، أي في القرن 11 هجري (17م)،
يتبين لنا أنه منذ تاريخ ميلاد العالم إلى غاية كتابة هذه الأسطر فإن عمر القصبة هو
367 سنة (أي 4 قرون). ثم إنه منذ نزوح العباس بن عبد العزيز إليها بعد سقوط مدينة بجاية
في يد الإسبان عام (915ه/1510م) وإلى يومنا هذا فإن عمرها هو 525 سنة (أي 5 قرون كاملة).
وإذا ما رجعنا إلى الوراء قليلا، واعتمادا على
ما جاء به العالم "أمحمد بن تريعة" في مخطوطته
التي تناول فيها رحلة
"زينب بن الاعبيدي" وابنها "أبو جميل" إلى قصبة بني يلمان عام
(760ه/1359م) عندما أراد "أبو حمو موسى" استرجاع ملك أجداده، نجد أن عمرها
منذ ذاك الوقت إلى الآن هو 680 سنة (أي 7 قرون). كما نجد ابن خلدون يذكر في تاريخه
أن ملك تلمسان "أبو تاشفين" قام عام (731ه/1331م) باقتطاع أراضي المسيلة
وجبال منتنان وعياض (المعاضيد) وونوغة (الاقليم) إلى مشيخة الدواودة، المتمثلة في فرع
"أولاد عبد الحق" الذي قطن القصبة بحسب الضابط الفرنسي "شارل فيرو"،
أي أن 709 سنة من ذلك التاريخ إلى اليوم. ولعل ما يعضد هذا هو ما ذكره الورتلاني في
رحلته المشهورة بـ"الرحلة الورتلانية" عندما قال أن الشيخ "أحمد أوغوبة"
أحد علماء قرية "إلماين" التي أسسها الجد "حالة بن عامر اليلماني"
هو من أهل القرن السابع هجري (13 ميلادي)، أي أن القصبة كانت قائمة في هذا القرن
(7ه/13م).
وبحسب الجريدة الرسمية الفرنسية (Journal
Officiel Frençaise) فإن عرش "إلماين" تشكل في القرن الخامس
هجري (11م) من طرف أسرة مغربية نزلت في إقليم ونوغة (ويقصد بني يلمان) ثم استقرت في
بني عيدل. كما يؤكد المترجم العسكري الفرنسي "أرنو" بالمجلة الإفريقية أن
بني يلمان أصولهم من فاس، نسبة لجدهم "يلمان" الذي فرّ من المغرب واستقر
بعض الوقت في قلعة جماد (الأصح حماد) بالقرب من مستغانم، وهذا ما يرجح أن "يلمان"
خرج عقب سقوط دولة الأدارسة التي تأسست عام (172ه/785م)، وزالت بموت آخر ملوكهم
"الحسن بن كنون" الذي قتل عام (375ه/986م)، وبذلك تفرق جمع الأدارسة، وانقرضت
دولتهم، وتفرقوا في قبائل المغرب ولاذوا بالفرار والاختفاء إلى أن خلعوا شارة ذلك النسب
الشريف واستحالت صبغتهم إلى البداوة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق