
في خضم تطور الأحداث التي طرأت على ساحة المقاومة في مراحلها الأخيرة. وخوض الخليفة مصطفى بن التهامي معارك ضد القوات الفرنسية بونوغة عام 1843، وهي السنة التي تم استولى فيها الفرنسيون على العاصمة المتنقلة المعروفة ب"الزمالة"، وما إلى ذلك من الأمور التي توالت وتسارعت أحداثها. كتب الجنرال ماري رسالة من واد قمارا (برج أخريص - البويرة) الواقعة شمال غرب بني يلمان، إلى صديقه الجنرال دوبار، في شهر أكتوبر 1845، يخبره فيها عن عجز أحمد بن سالم خليفة الأمير بسبب مرضه الشديد، وأضاف في ذات الرسالة أنه (أي بن سالم) عهد قيادة الجيش إلى ثلاث رؤساء من ونوغة الغربية.
عملت القوات الفرنسية على تجهيز حملات عسكرية (حملة دي مونتيل) عام 1846 لمتابعة تحركات جيش الأمير عبد القادر بونوغة. ومن قبلها - في نهاية ديسمبر 1845 - كُلّف الجنرال يوسف المملوكي (الزوافي) وفرسان الخيالة بنفس المهمة، وكذلك تم تجهيز حملة الكولونيل موليير لنفس الغرض.
أوردت جريدة (La Presse) إنه في شهر أفريل 1846 حلّ الأمير عبد القادر على رأس 2000 فارس بأولاد سيدي عيسى (على بعد نحو 40 كلم جنوب غرب بني يلمان)، أين عسكر في السهل المعروف قفار سيدي عيسى قبل أن يتجه مباشرة منه صوب ونوغة.
في نفس الشهر والسنة، وبأمر ملكي - حسب الضابط رين - نظمت بعض المناطق، حيث أسندت قيادة إقليم ونوغة الغربية إلى محمد بن قدور، بينما أسندت قيادة بعض قبائله كأولاد مسلم (تحد بني يلمان من الغرب) إلى القايد المداني، وكسانة (بني عمار وبني عدو) إلى القايد قويدر بلعباس، وحمزة إلى القايد محمد بن الصيد..
بعد هذا، وبالضبط في 8 ماي 1946 قام الكولونيل موليير بغزوة استولى فيها على 350 رأس غنم (خروف وماعز) وبعض الثيران والأبقار، والخيم التي كانت منصوبة في منحدرات ونوغة. بينما عقب الانتهاء من حملة الزوافي الجنرال يوسف قام الدوق دومال بالعمل على وضع تنظيم جديد بعد إخضاع ونوغة وسيطرته عليها بحيث ضم جزء منها إلى التيطري وسور الغزلان. أما جهة ونوغة الشرقية فقد أكملت سلطات الإحتلال بوضع مخططها بتنصيبها لبعض القياد على الأعراش الموالية لها كالقايد عبد الرحمان بن البختي، حيث قامت بضم بني يلمان إلى سور الغزلان في التقسيم الإداري لعام 1848، بعدها ضمت إلى مقاطعة خلافة مجانة عام 1849، بعد أن وضعت المقاومة أوزارها.
قبل عامين أو أقل من التاريخ الأخير (أي 1847) استسلم سي أحمد بن عمار خليفة الأمير على ونوغة للسلطات الفرنسية، وهي السنة نفسها التي عرض فيها الأمير تسليم نفسه ومن معه للفرنسيين.
وبالعودة إلى ما جاء في الكتابات الفرنسية وما نقلته جريدة (La Presse) يتأكد لنا أن الأمير عبد القادر لم تكن زيادته الوحيدة التي قادته عام 1837 إلى قصبة بني يلمان وونوغة الإقليم وإنما تلتها أخرى عام 1846. وقد كنت تناقشت (عبر الخاص) مع أحد الأصدقاء - هنا - والمتتبعين للصفحة بخصوص توجه الأمير عبد القادر إلى بني يلمان فأصررت عليه - استنادا لما توفر لدي من مصادر - أنها كانت مرة واحدة بعد معاهدة التافنة فقط. فكان رده أن الأمير توجه ومكث ببني يلمان على مرتين الأولى بعد معاهدة 1837، والثانية كانت من أجل استشارة كبراء بني يلمان وكبراء سيدي عيسى بخصوص التطورات التي كانت تجرس على الساحة، وبحسبه - ودون أن يفصح عن مصادره - أكد أن الأمير عمل بنصائحهم بعد عودته إلى الغرب الجزائري مع وفد منهم وأمضى معاهدة الإستسلام بعد أن تمت محاصرتهم من قبل القوات الفرنسية بقيادة لاموريسيير، وأضاف أن منهم من رحل معه إلى سوريا وهناك فروع منهم..!!
#ملاحظة: ونوغة هي عبارة عن إقليم يمتد ما بين جبال البيبان (ولاية برج بوعريريج) وسور الغزلان (ولاية البويرة).
-----------------------------
بقلم محمد نبار
أكتب تعليق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق