في رسالته المؤرخة يوم 9 جوان 1984 التي بعث بها العقيد محمدي السعيد - قائد الولاية الثالثة - إلى وزير المجاهدين (محمد جغابة) ذكر فيها أنه فور سماعه بنبأ مجزرة بني يلمان عن طريق الصحافة، طلب من النقيب أعراب - قائد المنطقة الثانية - بأن يذهب إلى عين المكان (مشتى القصبة) لكي يخبره بحقيقة ما وقع، وعند عودته (أي أعراب) أبلغنا (بصغة الجمع) أن الملازم الباريكي هو وحده من يتحمل مسؤولية هذه العملية التي قام بها دون الرجوع إليه بصفته مسؤوله المباشر (النقيب أعراب كان قد عقد اجتماعا يوم الاثنين 27 ماي 1957، حضره الملازم الباريكي وقادة آخرين، وفيه تقرر تنفيذ العملية، ليتجه بعد ذلك كل من أعراب والباريكي وإثنان من القادة صوب العشيشات - أولاد جلال الواقعة شرق مشتى قصبة بني يلمان على مرمى حجر). ويضيف العقيد قائلا: إن لجنة التنسيق والتنفيذ طلبت من قيادة الولاية بأن تحقق في الموضوع، وعلى إثر ذلك كلّف عميروش - وهو مسؤول عسكري بمجلس الولاية - بالمهمة، وقد جاء تقريره مؤكدا لما ذُكر في رواية وتقرير أعراب (أي أن الملازم الباريكي وحده من يتحمل مسؤولية المجزرة!!).
وبحسب شهادة جودي أتومي فإن عميروش - الذي عاد من تونس وهو جد مستاء من هذه الجريمة - تلقى الأوامر من العقيد محمدي السعيد ليحقق في القضية، وهو ما امتثل إليه، بحيث انتقل واستقر في ملوزة!!. غير أن هناك روايات تخالف تماما ما جاء به أتومي مفادها أن عميروش شكّل لجنة تحقيق من بعض ضباط الولاية ك: الرئد حميمي، والنقيب عبد الله، وسي لعمارة هامل أمين مركز قيادة الولاية، ومحند أولحاج، وموح الرشيد الملقب ب(بو أوقلان) من أجل أن يتنقلوا إلى عين المكان ويحققوا في الموضوع، بعد الانتهاء من المهمة المنوطة لهم تسلّم عميروش تقريرا مفصلا بخصوص الجريمة، ولعل أهم ما جاء فيه هو ما أدلى به الرائد حميمي (أحمد فضال) الذي أكد أنه استلم رسالة موقعة من طرف النقيب أعراب تتضمن مسؤوليته عن العملية التي تمت بأمره وتحت إشرافه. من جهته ذكر صالح ميكاشير أحد قادة مقر الولاية الثالثة أن مقر القيادة استلمت تقريرا بخصوص القضية، غير أنه نفى بأن يكون قد استلم نسخة منه، وقال: بأنه تحدث بعد الاستقلال مع النقيب سي لعمارة هامل بخصوص التقرير، ونفى له (أي سي لعمارة) بأن يكون قد تم إجراء أي تحقيق بهذا الشأن، ولم يرد أن يقول أكثر.
وعن رد فعل عميروش فور تسلمه للتقرير في غابة ثامقوط قام باستدعاء النقيب أعراب قائد المنطقة الثانية، وبشهادة محند سبخي فإن عميروش قام بمعاتبة وتعنيف أعراب لفظيا، ومما قال أعراب لعميروش أنذاك "أنا نفذت أوامر القيادة العليا فقط..وأنت تعاقبني وتترك محمدي لأنه أعلى مني رتبة". بينما يذكر الضابط مقران آيت مهدي فإن عميروش عاقب النقيب أعراب جسديا بكلمه على بطنه.
ويبقى السؤال مطروحا هل اطّلع قائد الولاية الثالثة على تقرير عميروش فعلا، وبذلك تتأكد صحة تحميل مسؤولية الجريمة للملازم الباريكي!؟ أم أنه أراد حماية قائد المنطقة الثانية النقيب أعراب بطريقة أو بأخرى ويخرجه من دائرة الاتهام!!؟ الأرجح أنه لم يطّلع عليه بدليل ردة فعل عميروش بعد تسلمه للتقرير.
ملاحظة: حمو عميروش أدلى بشهادة قال فيها أن عميروش لم يشأ إثارة ملف القضية حتى لا يشوش على قائده السابق العقيد محمدي السعيد!!!
-----------------------------
بقلم: الباحث محمد نبار
Keine Kommentare:
Kommentar veröffentlichen